الفصل الثالث أنواع الصور في القرآن الكريم
الصورة القرآنية متميزة بمواد تشكيلها، كما هي متميّزة أيضا بأنواعها، ووظائفها. وبين موادها وأنواعها علاقة وارتباط، وقانون عام، يطبع كليهما بالطابع الديني الذي يميّز الصورة القرآنية.
ويمكن أن نرجع الصورة القرآنية إلى نوعين أساسيين هما: الصورة المفردة أو الصورة البلاغية، وصورة النسق، ومن هذين النوعين تتفرع بقية الصور الأخرى. وأعني بالصورة المفردة، الصورة البلاغية المعروفة المكوّنة من التشبيه أو الاستعارة أو الكناية أو المجاز، وهذه الصورة مرتبطة بالجملة الواحدة غالبا، وهناك الصورة المرتبطة بالنسق أو السياق، وهي أعمّ من الأولى وأشمل، وبين الصورتين علاقة تفاعل وارتباط، فالصورة المفردة، تحكمها علاقات داخلية، تربط بين أجزائها لبناء تشكيلها أولا، كما تحكمها علاقات أخرى تربطها بالسياق القرآني، ومن ثم البناء العام للصورة الكلية.
لذلك يمكن الوقوف عند الصورة المفردة أو البلاغية، لدراسة مكوّناتها، ومن ثمّ دراسة هذه الصورة البلاغية في علاقاتها مع الصور الأخرى، في نمو وامتداد، وصعود حتى تكوّن «صورة المشهد» ثم صورة «اللوحة» أو الصورة المركّبة من عدّة صور، ثم تتابع الصورة المركبة، في امتدادها ونموها وصعودها، لكي تكوّن «الصورة الكلّية»
ضمن علاقات وأنساق فنية، وهذه الصورة الكلية، مكوّنة من السورة كلّها، فكلّ سورة في القرآن، تكوّن صورة «كلية» لها ملامحها الواضحة، وسماتها البارزة عن غيرها، ثم إنّ الصورة الكلية مرتبطة ب «الصورة المركزية» التي هي مصدر الصور كلّها، فمنها انبعثت وتناثرت بنظام وترتيب،


الصفحة التالية
Icon