شعوريا وعقليا وسلوكيا.
ويتضح من هذا العرض، أن الحكم على الصورة القرآنية من خلال الصورة البلاغية فقط يعد ناقصا أو قاصرا، لأن هذه الصورة الجزئية مرتبطة بالبناء التصويري العام في الأسلوب القرآني، تستمد منه حيويتها، وقوتها، فالعلاقة بينها وبين الصور الأخرى علاقة تفاعل، وتبادل للتأثر والتأثير. ولكن ظروف البحث، تقتضي بأن أفصل بين نوعي الصور القرآنية، لتسهيل الدراسة، والوقوف على طبيعة كلّ منهما على حدة، وأبدأ بالصورة المفردة أو البلاغية.
أ- الصورة المفردة:
وهي الصورة البلاغية القديمة. وقد قام البلاغيون بجهد كبير في دراستها، ووضع القواعد لها، وقد توقفت دراساتهم البلاغية، عند جزئية صغيرة فيها، تدور حول محورين هما: المشبّه والمشبّه به، فاهتدوا إلى بعض العلاقات اللغوية التي يمكن أن تقوم بين هذين المحورين الأساسيين، وتوصّلوا إلى مجموعة من الأسماء التي حاولوا أن يحصروا «الصورة» فيها، فكان هناك التشبيه والاستعارة والكناية والمجاز بنوعيه المرسل والعقلي وبعض فنون البديع المعنوي.
ومعظم الدراسات البلاغية القديمة، تدرس الصورة المفردة. مجردة عن سياقها، فتبين خصائصها ووظائفها معزولة عن الصورة العامة للنص، وهذه الدراسات مفيدة لفهم طبيعة الصورة الجزئية، ولكن الاقتصار عليها، وحصر الجهود فيها، وجعلها معيارا للجمال، يضرّ بالفهم الكلي للنص القرآني، ويضعف من إدراك فكرته التي جاءت الصورة تعبّر عنها في لحمة متماسكة ونسيج فني موحّد.
إن إهمال دراسة السياق أو العلاقات القائمة بين الصور يضعف من قيمة الصورة، وقد لاحظ ذلك عبد القاهر الجرجاني حين حاول ربط الصورة بالنسق في نظرية النظم، وهو ما يقوم به النقد الحديث من دراسة الصورة من خلال مفهوم النسق ضمن العلاقات المتعددة التي يقوم عليها النص.
وليس معنى هذا أني أقلّل من جهود البلاغيين، أو أدعو إلى نبذها ودفنها، وإنما أريد أن