وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ الرحمن: ٢٤، وقال عنه بأنه حسن، لأنه يصح على العكس وقلب المشبه بالمشبه به «١٢».
وقد نجد اختلافا قليلا عند الرّماني، في فهمه للتشبيه، لأنه اعتمد على القرآن الكريم في استشهاده له. فهو يتحدث عن التشبيه الحسي، والتشبيه النفسي، ويقصد بالتشبيه النفسي، ما كان طرفاه معنويين، وبالحسي ما كان طرفاه حسيين، لكنه لم يتعرض للتشبيه الذي يكون أحد طرفيه حسيا والآخر عقليا، لأنه كان مشغولا في رسالته الصغيرة حول الإعجاز بوضع القواعد الأساسية عن التوغل في الجزئيات الدقيقة.
ويربط التشبيه ببقية أجزاء الكلام، ويركّز على وجه الشبه في إخراج الأغمض إلى الأوضح يقول الرماني: «والتشبيه البليغ إخراج الأغمض إلى الأظهر بأداة تشبيه مع حسن التأليف» «١٣».
فهو يلاحظ ارتباط التشبيه، ببقية أجزاء الأسلوب، وهذا رأي له قيمته النقدية، لأنه يعد بذور فكرة النظم التي بلورها الجرجاني فيما بعد.
كما أن الرماني يركّز على وجه الشبه في تحليله للشواهد القرآنية، ويدرك الدلالة النفسية للتشبيه أحيانا. ففي قوله تعالى: وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً النور: ٣٩ يعلق الرماني على التشبيه بقوله: «ولو قيل يحسبه الرائي ماء ثم يظهر أنه خلاف ما قدر لكان بليغا، وأبلغ منه لفظ القرآن لأن الظمآن أشد حرصا عليه، وتعلق قلب به» «١٤».
وقد توسّع عبد القاهر الجرجاني في شرح التشبيه فقسمه إلى نوعين: ما يدرك بدون تأويل، لوضوحه وسهولة إدراكه، كتشبيه الخد بالورد، وما يدرك بتأويل كتشبيه الحجة بالشمس ويفرق بين التشبيه والتمثيل، فيرى أن التمثيل هو ما يدرك بتأويل، وهو درجات أيضا، فمنه ما يقرب إدراكه، ويسهل فهمه مثل حجة كالشمس، ومنه ما يحتاج إلى التأمل لإدراكه كقولهم ألفاظ كالماء، ومنه ما يدق ويغمض ويحتاج إلى التفكير لإدراكه لخفائه، وهو
(١٣) النكت في إعجاز القرآن: ص ٧٥.
(١٤) المصدر السابق: ص ٧٥.