الفصل الأول المعاني الذهنية والحالات النفسية
يتخذ القرآن الكريم الصورة وسيلة للتعبير عن معانيه الدينية، لأن الصورة أقوى تأثيرا في النفوس من التعبير المجرد، كما أنها تزيد من وضوح هذه المعاني في الأذهان، حين تعرض، في صور محسوسة، قريبة من الإدراك والفهم.
وقد لاحظ البلاغيون القدماء، ما تقوم به الصورة من توضيح المعاني وبيانها، أكثر من التعبير المجرد المباشر.
فالرّماني يرى أن بلاغة التشبيه تكمن في «الجمع بين شيئين بمعنى يجمعهما، يكسب بيانا فيهما» «١»، والاستعارة عنده أيضا، غرضها «الإبانة» «٢»، لأنها تقوم على التشبيه.
ويكرر أبو هلال العسكري ما قاله الرماني، فالتشبيه عنده «يزيد المعنى وضوحا ويكسبه تأكيدا» «٣». والاستعارة غرضها «إمّا أن يكون شرح المعنى، وفضل الإبانة عنه، أو تأكيده، والمبالغة فيه، أو الإشارة إليه بالقليل من اللفظ، أو تحسين المعرض الذي يبرز فيه» «٤».
وابن سنان أيضا لا يخرج عن هذا المعنى إذ يقول في حسن التشبيه هو: «أن يمثل الغائب الخفي الذي لا يعتاد بالظاهر المحسوس المعتاد، فيكون حسن هذا لأجل إيضاح المعنى وبيان المراد» «٥».
(٢) المصدر السابق: ص ٧٩.
(٣) كتاب الصناعتين: ص ٢٦٥.
(٤) المصدر السابق: ص ٢٩٥.
(٥) سر الفصاحة: ٢٣٧.