على المفضول، وينبغى أن تكون ملازمة الاشتغال بالعلم هى مطلوبه ورأس ماله فلا يشتغل بغيره، فإن اضطر إلى غيره فى وقت، فعل ذلك الغير بعد تحصيل وظيفته من العلم. وينبغى أن يعتنى بالتصنيف إذا تأهل له، فبه يطلع على حقائق العلم ودقائقه، ويثبت معه؛ لأنه يضطره إلى كثرة التفتيش والمطالعة، والتحقيق والمراجعة، والاطلاع على مختلف كلام الأئمة، ومتفقه وواضحه من مشكله، وصحيحه من ضعيفه، وجزله من ركيكه، وما لا اعتراض عليه من غيره، وبه يتصف المحقق بصفة المجتهد.
وليحذر كل الحذر أن يشرع فى تصنيف ما لم يتأهل له، فإن ذلك يضره فى دينه وعلمه وعرضه، وليحذر أيضا من إخراج تصنيفه من يده إلا بعد تهذيبه، وترداد نظره فيه وتكريره، وليحرص على إيضاح العبارة وإيجازها، فلا يوضح إيضاحا ينتهى إلى الركاكة، ولا يوجز إيجازا يفضى إلى المحق والاستغلاق، وينبغى أن يكون اعتناؤه من التصنيف بما لم يسبق إليه أكثر.
والمراد بهذا ألا يكون هناك مصنف يغنى عن مصنفه فى جميع أساليبه، فإن أغنى عن بعضها فليصنف من جنسه ما يزيد زيادات يحتفل بها، مع ضم ما فاته من الأساليب. وليكن تصنيفه فيما يعم الانتفاع به، ويكثر الاحتياج إليه، وليعتن بعلم المذهب، فإنه من أعظم الأنواع نفعا، وبه يتسلط المتمكن على المعظم من باقى العلوم.
ومن آدابه وآداب تعليمه: اعلم أن التعليم هو الأصل الذى به قوام الدين، وبه يؤمن امّحاق العلم، فهو من أهم أمور الدين، وأعظم العبادات، وآكد فروض الكفايات.
قال الله- تعالى-: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ [آل عمران: ١٨٧]، وقال- تعالى-: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا... الآية [البقرة: ١٥٩]. وفى الصحيح من طرق: أن النبى ﷺ قال: «ليبلّغ الشّاهد منكم الغائب»، والأحاديث بمعناه كثيرة، والإجماع منعقد عليه.
ويجب على المعلم أن يقصد بتعليمه وجه الله تعالى لما سبق، وألا يجعله وسيلة إلى غرض دنيوى، فيستحضر المعلم فى ذهنه كون التعليم آكد العبادات؛ لكون ذلك حاثا له على تصحيح النية، ومحرضا له على صيانته من مكدراته ومن مكروهاته؛ مخافة فوات هذا الفضل العظيم، والخير الجسيم.
قالوا: وينبغى ألا يمتنع من تعليم أحد لكونه غير صحيح النية، فإنه يرجى له حسن النية، وربما عسر فى كثير من المبتدئين بالاشتغال تصحيح النية لضعف نفوسهم، وقلة أنسهم بموجبات تصحيحها، فالامتناع من تعليمهم يؤدى إلى تفويت كثير من العلم مع أنه يرجى ببركة العلم تصحيحها إذا أنس بالعلم.
وقد قالوا: طلبنا العلم لغير الله فأبى أن يكون إلا لله، معناه: كانت عاقبته أن صار لله، وينبغى أن يؤدب المتعلم على التدريج بالآداب السنية، والشيم المرضية، ورياضة نفسه بالآداب والدقائق الخفية، ويعوده الصيانة فى جميع أموره الكامنة والجلية.
فأول ذلك: أن يحرضه بأقواله وأحواله المتكررات على الإخلاص والصدق وحسن النيات، ومراقبة الله- تعالى- فى جميع اللحظات، وأن يكون دائما على ذلك حتى الممات، ويعرفه أن بذلك تنفتح عليه أبواب المعارف، وينشرح صدره وتنفجر من قلبه ينابيع الحكم واللطائف، ويبارك له فى حاله وعلمه، ويوفق للإصابة فى قوله وفعله وحكمه، ويزهده فى الدنيا، ويصرفه عن التعلق بها، والركون إليها، والاغترار بها، ويذكره أنها فانية، والآخرة آتية باقية، والتأهب للباقى، والإعراض عن الفانى هو طريق الحازمين، ودأب عباد الله الصالحين.
وليحذر كل الحذر أن يشرع فى تصنيف ما لم يتأهل له، فإن ذلك يضره فى دينه وعلمه وعرضه، وليحذر أيضا من إخراج تصنيفه من يده إلا بعد تهذيبه، وترداد نظره فيه وتكريره، وليحرص على إيضاح العبارة وإيجازها، فلا يوضح إيضاحا ينتهى إلى الركاكة، ولا يوجز إيجازا يفضى إلى المحق والاستغلاق، وينبغى أن يكون اعتناؤه من التصنيف بما لم يسبق إليه أكثر.
والمراد بهذا ألا يكون هناك مصنف يغنى عن مصنفه فى جميع أساليبه، فإن أغنى عن بعضها فليصنف من جنسه ما يزيد زيادات يحتفل بها، مع ضم ما فاته من الأساليب. وليكن تصنيفه فيما يعم الانتفاع به، ويكثر الاحتياج إليه، وليعتن بعلم المذهب، فإنه من أعظم الأنواع نفعا، وبه يتسلط المتمكن على المعظم من باقى العلوم.
ومن آدابه وآداب تعليمه: اعلم أن التعليم هو الأصل الذى به قوام الدين، وبه يؤمن امّحاق العلم، فهو من أهم أمور الدين، وأعظم العبادات، وآكد فروض الكفايات.
قال الله- تعالى-: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ [آل عمران: ١٨٧]، وقال- تعالى-: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا... الآية [البقرة: ١٥٩]. وفى الصحيح من طرق: أن النبى ﷺ قال: «ليبلّغ الشّاهد منكم الغائب»، والأحاديث بمعناه كثيرة، والإجماع منعقد عليه.
ويجب على المعلم أن يقصد بتعليمه وجه الله تعالى لما سبق، وألا يجعله وسيلة إلى غرض دنيوى، فيستحضر المعلم فى ذهنه كون التعليم آكد العبادات؛ لكون ذلك حاثا له على تصحيح النية، ومحرضا له على صيانته من مكدراته ومن مكروهاته؛ مخافة فوات هذا الفضل العظيم، والخير الجسيم.
قالوا: وينبغى ألا يمتنع من تعليم أحد لكونه غير صحيح النية، فإنه يرجى له حسن النية، وربما عسر فى كثير من المبتدئين بالاشتغال تصحيح النية لضعف نفوسهم، وقلة أنسهم بموجبات تصحيحها، فالامتناع من تعليمهم يؤدى إلى تفويت كثير من العلم مع أنه يرجى ببركة العلم تصحيحها إذا أنس بالعلم.
وقد قالوا: طلبنا العلم لغير الله فأبى أن يكون إلا لله، معناه: كانت عاقبته أن صار لله، وينبغى أن يؤدب المتعلم على التدريج بالآداب السنية، والشيم المرضية، ورياضة نفسه بالآداب والدقائق الخفية، ويعوده الصيانة فى جميع أموره الكامنة والجلية.
فأول ذلك: أن يحرضه بأقواله وأحواله المتكررات على الإخلاص والصدق وحسن النيات، ومراقبة الله- تعالى- فى جميع اللحظات، وأن يكون دائما على ذلك حتى الممات، ويعرفه أن بذلك تنفتح عليه أبواب المعارف، وينشرح صدره وتنفجر من قلبه ينابيع الحكم واللطائف، ويبارك له فى حاله وعلمه، ويوفق للإصابة فى قوله وفعله وحكمه، ويزهده فى الدنيا، ويصرفه عن التعلق بها، والركون إليها، والاغترار بها، ويذكره أنها فانية، والآخرة آتية باقية، والتأهب للباقى، والإعراض عن الفانى هو طريق الحازمين، ودأب عباد الله الصالحين.