ومن النحو والصرف طرفا لتوجيه ما يحتاج إليه، بل هما أهم ما يحتاج إليه المقرئ، وإلا فخطؤه أكثر من إصابته، وما أحسن قول الإمام الحصرى (١) فيه:
لقد يدّعى علم القراءات (٢) معشر... وباعهم فى النّحو أقصر من شبر
فإن قيل ما إعراب هذا ووجهه... رأيت طويل الباع يقصر عن فتر (٣)
ويعلم من التفسير واللغة (٤) طرفا صالحا.
وأما معرفة الناسخ والمنسوخ فمن لوازم (٥) المجتهدين فلا يلزم المقرئ، خلافا للجعبرى (٦) ويلزمه حفظ كتاب يشتمل على القراءة التى يقرأ بها، وإلا داخله (٧) الوهم والغلط فى الأشياء (٨)، وإن قرأ بكتاب وهو غير حافظ فلا بد أن يكون ذاكرا كيفية (٩) تلاوته به حال تلقيه من شيخه، فإن شك فليسأل رفيقه أو غيره ممن قرأ بذلك الكتاب حتى يتحقق، وإلا فلينبه على ذلك فى الإجازة، فأما (١٠) من نسى أو ترك فلا يقرأ عليه إلا لضرورة، مثل أن ينفرد بسند عال أو طريق لا يوجد (١١) عند غيره، فحينئذ إن كان القارئ
يا ليل الصب متى غده... أقيام الساعة موعده
رقد السمار فأرّقه... أسف للبين يردده
ينظر: غاية النهاية (١/ ٥٥٠).
(٢) فى م، ص: القراءة.
(٣) فى م: طوال.
(٤) فى ص، د: من اللغة والتفسير.
(٥) فى م: علوم.
(٦) هو إبراهيم بن عمر بن إبراهيم بن خليل بن أبى العباس العلامة الأستاذ أبو محمد الربعى الجعبرى السلفى بفتحتين نسبة إلى طريقة السلف محقق حاذق ثقة كبير، شرح الشاطبية والرائية وألف التصانيف فى أنواع العلوم، ولد سنة أربعين وستمائة أو قبلها تقريبا بربض قلعة جعبر، وقرأ للسبعة على أبى الحسن على الوجوهى صاحب الفخر الموصلى وللعشرة على المنتجب حسين بن حسن التكريتى صاحب ابن كدى بكتاب در الأفكار ومن ثم لم تقع له بالتلاوة عن كل من العشر إلا رواية واحدة، وروى القراءات بالإجازة عن الشريف الداعى وروى الشاطبية بالإجازة عن عبد الله ابن إبراهيم بن محمود الجزرى، واستوطن بلد الخليل عليه أفضل الصلاة والسلام حتى توفى فى ثالث عشر من شهر رمضان سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة. ينظر: غاية النهاية (١/ ٢١).
(٧) فى ص: دخله.
(٨) فى ص، م، ز: أشياء.
(٩) فى د: لكيفية.
(١٠) فى ص: وأما.
(١١) فى م: لا توجد.