لأبى عمرو من روايتيه فى يوم واحد، ولما ختم قال للشيخ: هل رأيت أحدا يقرأ هذه القراءة؟ فقال: لا تقل هكذا (١)، ولكن قل: هل رأيت شيخا يسمع هذا السماع؟
وأعظم ما سمعت (٢) فى هذا الباب أن الشيخ مكين الدين الأسمر (٣) دخل إلى الجامع بالإسكندرية، فوجد شخصا ينظر إلى أبواب الجامع، فوقع فى نفس المكين أنه رجل صالح وأنه يعزم على الرواح (٤) إلى جهته ليسلم عليه، ففعل ذلك، وإذا به [الشيخ] (٥) ابن وثيق (٦): ولم يكن لأحدهما معرفة بالآخر ولا رؤية، فلما سلم عليه قال للمكين (٧):
أنت عبد الله بن منصور؟ قال: نعم، قال: ما جئت من [بلاد] (٨) الغرب إلا بسببك؛ لأقرئك (٩) القراءات فابتدأ عليه المكين فى تلك الليلة القرآن من أوله جمعا للسبع، وعند طلوع الشمس إذا به يقول: مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ [الناس: ٦] فختم عليه القرآن للسبع فى ليلة واحدة (١٠).
(٢) فى ص: ما سمع.
(٣) هو عبد الله بن منصور بن على بن منصور أبو محمد بن أبى على بن أبى الحسن بن أبى منصور اللخمى الإسكندرى المالكى الشاذلى المعروف بالمكين الأسمر أستاذ محقق، كان مقرئ الإسكندرية بل الديار المصرية فى زمانه ثقة صالح زاهد، قرأ القراءات الكثيرة على أبى القاسم الصفراوى وإبراهيم بن وثيق، قرأ عليه محمد بن محمد بن السراج الكاتب ومحمد بن عبد النصير ابن الشواء، ولد سنة
إحدى عشرة وستمائة ومات فى غرة ذى القعدة سنة اثنتين وتسعين وستمائة بالإسكندرية. ينظر غاية النهاية (١/ ٤٦٠).
(٤) فى د: إلى الرواح، وفى ص: على السير.
(٥) زيادة من م.
(٦) هو إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن بن وثيق الإمام أبو القاسم الأندلسى الإشبيلى إمام مشهور مجود محقق، قرأ على حبيب بن محمد سبط شريح وعبد الرحمن بن محمد بن عمرو اللخمى وأحمد ابن مقدام الرعينى وأبى الحسن خالص وقرأ أيضا على أحمد بن أبى هارون التميمى ونجبة بن يحيى وأحمد بن منذر وقاسم بن محمد وعبد الرحمن بن عبد الله بن حفظ الله وأبى الحسن محمد ابن محمد بن زرقون أصحاب شريح وغيره، ولد سنة سبع وستين وخمسمائة بإشبيلية وتوفى بالإسكندرية فى يوم الاثنين رابع ربيع الآخر سنة أربع وخمسين وستمائة ودفن بين الميناوين على سيف البحر. ينظر غاية النهاية (١/ ٢٤، ٢٥).
(٧) فى م: المكين.
(٨) زيادة من ص.
(٩) فى م: إلا بسبيل أن أقرئك.
(١٠) فى م: فى الليلة الواحدة.