أمم أمثالكم
للشيخ محمود غريب
مركز السلطان قابوس للثقافة الإسلامية
نلتقي اليوم مع القانون الكوني الثالث:
وهو إثبات القرآن للنظام الجماعي في عالم الحيوان والطير كإثباته للبشر وإذا قرأنا الآية الكريمة التي تؤكد هذا المعنى.. وربطنا بينها وبين زمن نزولها، تجلى لنا جانب الإعجاز العلمي فيها..
قال تعالى: " وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحية إلاّ أمم أمثالكم " سورة الأنعام ٣٨
فهذا الشمول الواسع، وهذا العموم المطلق، لا يحيط به إلا من خلق الكون لأن علم العلماء استقراء ناقص لا يعطى كلية كاملة.
****
معنى المفردات..
الدابة: كل ما يدب على الأرض، ويشمل عالم البحار أيضاً.
" ولا طائر يطير بجناحية " سر التأكيد بقوله تعالى (يطير بجناحية) إن العرب كانت تطلق على الرجل المسرع، والناقة المسرعة، اسم الطيران فتقول: طار فلان في أمره - أي أسرع - " إلاّ أمم أمثالكم " أي جماعات أمثالكم.
وبعد أن ساق القرآن هذه الحقيقة الكونية، ترك لكل عصر أن يفهمها في حدود فكرة وحضارته.
عصر السلف الصالح.. وفهمهم للآية..
فسّر ابن عباس - رضي الله عنه - (المماثلة) في - الآية الكريمة. بأنها في توحيد، وتسبيحة، وتحميده.
ويؤيّد هذا الفهم قوله تعالى " والطير صافات كلُّ قد علم صلاته وتسبيحه " النور ٤١
وفسّرها سفيان بن عيينه بأنها: المشابهة في الطباع، بين الناس والحيوان.
" الفخر الرازي ج٢ ص ٢١٣ "
وفي الكشاف: قال الزمخشري " أمم أمثالكم " في حفظ أحوالها، وعدم اهمال
أمرها، وسعها الله بسلطانه، وانطوت تحت علمه." ج٢ ص ١٧ "
ونقل القرطبي عن الزجاج قوله (أمثالكم) في الخلق والرزق والموت والبعث
" ج٢ ص ٤٢٠"
هذه أشهر آراء المفسرين - رضي الله عنهم.