عن المنكرات والمفاسد والمعاصي التي تشوِّه وجه المجتمع، فإذا التفت إليها وأنكرها ونصح أصحابها، فإنه تارك للحكمة والموعظة الحسنة.
الحكمة والموعظة الحسنة عندهم: هي أن يُدعى الداعية إلى حفلةٍ أو مجلسٍ يُعصى فيه الله، أو تُرتكب فيه الفواحش، وتُفعل فيه المنكرات، فيجلس راضياً ساكتاً متفاعلاً مع الحضور، يتصرَّف معهم على أسس البروتوكول و " الإتكيت "، ويفعل معهم المنكرات. فإذا تكلم في المجلس وانتصر لدينه ونصح القوم -ولو بألين الكلام وأكثره هدوءاً- فإنه مخالف للحكمة والموعظة الحسنة.
الحكمة والموعظة الحنسة عندهم: أن يرضى الدّنية في دينه، ومواقف الذل في حياته، ويشارك باللقاءات والجلسات المشبوهة مع أعداء لهذا الدين، ملحدين أو مستعمرين أو يهود أو نصارى، ويقدم لهم الإسلام كما يريدونه باسم المرونة والتطور، وباسم الحكمة والموعظة الحسنة.
كم سمعنا كلاماً في تفسير هذه الآية يصدر على صورة نصيحةٍ أو تذكير من بعض الذين يشْغلون مراكز إسلاميةً رسميةً عليا، يطلبون من الدعاة إلى الله -وعاظاً أو أئمةً أو خطباء أو محاضرين أو كاتبين- أن يقدِّموا الإسلام للناس كما يريد الناس، ووفق أمزجتهم وشهواتهم وأهوائهم، وأن لا يكونوا صريحين في نصحهم جريئين في الجهر بالحق، ويعتمدون في كلامهم على هذه الآية: ﴿بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَة﴾. فإذا لم يفعلوا ذلك كانوا مخالفين لتوجيهاتها.
عجيبٌ أن تصدر هذه التفسيرات الخاطئة لهذه الآية من هؤلاء المسلمين، وعجيبٌ أن تُوَظَّفَ هذه الآية عندهم في منع قول كلمة الحق، والجرأة في النصح، وإبداء الرأي، والرجولة في إنكار المنكر والأمر بالمعروف، هذا عجيبٌ. ولكن الأعجب والأغرب أن يشارك في هذا