إن هذه الكلمة فيها قراءتان: بالتشديد وبالتخفيف: فمن هم الذين قرأوا بكلٍ منهما؟ وما هي حجة كلٍ منهم، وعلى من تعود الضمائر في الأفعال؟ وما معنى الآية على كل احتمال؟.
نقدم فيما يلي خلاصة لذلك، من الكتاب القيِّم " حجة القراءات " لابن زنجلة: قرأ أهل الكوفة (وهي قراءة عاصم وحمزة والكسائي) وظنوا أنهم قد كُذِبوا بالتخفيف. من قولك: كَذَبْتُك الحديث: أي لم أصدقك. وفي التنزيل: ﴿وَقَعَدَ الذينَ كَذَبُوا اللهَ وَرَسُولَهُ﴾ (أي لم يصدقوا مع الله ورسوله).
وفيها وجهان من التفسير:
أحدهما: حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم، وظنَّ قومهم أن الرسل قد كُذِبوا. بمعنى أُخلفوا ما وُعِدوه من النصر. جاء الرسلَ نصرُنا، فجعل الضمير في " ظنوا " للقوم، وجعل الظن موافقاً لفظه ومعناه.
الوجه الآخر: حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم، وظن قومهم أن الرسل قد كَذَبَتْهم فيما أخبروهم به، من أنهم إن لم يؤمنوا بهم نزل بهم العذاب.
وقرأ أهل الحجاز والبصرة والشام (وهي قراءة ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر) " كُذِّبوا " بالتشديد. وفي التنزيل: ﴿فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ﴾، وقوله: ﴿فَكَذَّبوا رُسُلي﴾. وجعلوا الضمير في ظنوا للرسل، والظن بمعنى اليقين. والأولى أن يجعل الضمير الرسل فيكون الفعلان للرسل، ويصير كلاماً واحداً. ومعنى الآية: حتى إذا استيأس الرسل من إيمان


الصفحة التالية
Icon