ولا إثم، وإذا فعل بعض المحرمات والمحظورات فلا ضير ولا إثم كذلك، لأن الآية تعذره، وتقدم له رخصةً ومخرجاً.
ويترتب على هذا الفهم الخاطئ لمعنى الآية، أن يتفاوت التزام المسلمين بالإِسلام أداءً لواجباته، واجتناباً لمحرماته. بحيث يختلف الالتزام بالإِسلام وتطبيقه من شخص إلى آخر حسب استطاعته، فكلٌ منهم يقدم صورةً خاصةً عمليةً عن أحكام الإِسلام، تختلف عن الصور التي يقدمها الآخرون، ويتحول الإِسلام -عملياً- إلى إسلامات. ويتحول تطبيقه إلى عدة تطبيقات. وتضيع مبادئ الإِسلام وأحكامه وسط هذه النماذج والعينات، التي يزعم كلٌ منهم أنه هو على الحق، وأن هذا هو الدين الذي يريده الله. وابحث عن الإِسلام الرباني وسط هذه التطبيقات المتفاوتة، التي تعتمد على " الهمَّة " الميتة، والقدرة العاجزة، والاستطاعة المريضة.
وحتى يكون فهمنا لمعنى الآية صحيحاً، وتصوُّرنا لقيد الاستطاعة فيها صوابا، لا بد أن نقرن معها آية أخرى، وهي قول الله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾.
تأمرنا هاتان الآيتان بتقوى الله، وكل واحدةٍ منهما توضح المراد من الأخرى:
فآية آل عمران تأمر بأن نتَّقي الله حقَّ تقاته. ومعنى حق تقاته: تقوى حقة صادقة مخلصة جادة، بأن نبذل غاية وسعنا، وأقصى استطاعتنا، في تحقيقها وتحصيلها، وأن نبقى على هذه التقوى طيلة حياتنا، بحيث لا يموت الإنسان منّا إلا وهو مسلم.