تقوى الله حق تقاته في آل عمران معناها، بذل الوسع والجهد والاستطاعة في تحصيلها، كما طلبت آية التغابن.
وآية التغابن تأمرنا بتقوى الله بمقدار الوسمع والاستطاعة: ﴿فَاتَّقوا اللهَ ما اسْتَطَعْتُمْ﴾، ويوضح المراد بقوله: ﴿ما اسْتَطَعْتُمْ﴾ قولُه في آل عمران: ﴿حَقَّ تُقاتِه﴾، فلا يحقق المسلم التقوى بقدر الاستطاعة، إلا إذا كانت هذه التقوى حق التقوى. فكل من الآيتين توضح الثانية وتفسر معناها، وهما متلازمتان متكاملتان، لابد أن تُقرءا معاً، وتُفهما سوياً، وتُؤخذ دلالتهما مجتمعتين، حتى يكون المعنى صحيحاً مقبولاً.
ومما يوضح المراد من الآيتين حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. حيث روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: " دعوني ما تركتكم، إنما هلك مَن كان قبلكم بسؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم. فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ".
يدل هذا الحديث على موقف المسلم من الأوامر والأحكام الشرعية، فما نُهي عنه يجتنبه، لأن الحرام لا يجوز ارتكابه إلا عند الضرورة للمضطر، والضرورة تقدر بقدرها، ويحددها الشرع، وليس الشخص نفسه.
وأما ما أُمر به فإنه ينفذ منه ما يستطيع. والاستطاعة كذلك يحددها الشرع من خلال الرخص الشرعية، وليس الشخص نفسه.
وقد يقول قائل: ها هو الحديث الصحيح يطلب منّا أن نتناول الواجبات بقدر استطاعتنا، وهو ما نقوله نحن في التقوى والتطبيق.
نقول: إنه يجعل تطبيقنا للأوامر بقدر الاستطاعة. لكن مَنْ هو الذي