يحدد الاستطاعة ومقدارها؟ ومن هو الذي يصدر الرخصة في ترك أو تغيير صورة بعض الواجبات؟.
إنه ليس الشخص، ليس هو الذي يحدد مقدار استطاعته، ولا هو الذي يحدد صورة الواجب بالنسبة له، ولكنه الشرع. إن الله عز وجل هو الذي يعلم مقدار الطاقة البشرية وحدود الاستطاعة فيها، ولذلك جاءت الرخص في الدين في بعض الحالات ولبعض الأشخاص، مراعاة لبعض الأعذار والأحوال. فالاستطاعة يحددها الشرع، وحالة الاستطاعة يفضِّلها الشرع، وصورة الواجب الجديدة يوضحها الشرع.
إن الحديث الصحيح الذي أوردناه، هو الذي يدل على ما قلناه ويوحي به، وبخاصة عند ملاحظة سبب وروده.
فقد روى مسلم والنسائي عن أبي هريرة - رضي الله عنه قال: خطبَنا رسول الله ﷺ فقال: " أيها الناس قد فُرض عليكم الحج فحجّوا، فقال رجل: أفي كل عام يارسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثاً. ثم قال: ذروني ما تركتكم، ولو قلت: نعم، لوجبت، ولما استطعتم، وإنما أهلك من كان قبلكم كثرُة سؤالهم واختلافُهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء، فأتوا ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء، فاجتنبوه ".
إن الحديث في شأن الحج، وورد ردّاً على سؤالٍ لا معنى له لأحدهم: أفي كل عام يا رسول الله؟ فجاء الجواب: " لو قلت نعم لوجبت، ولما استطعتم. ثم قال: ما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم ".
إنها استطاعة بخصوص الحج، الذي نصَّ القرآن على وجوبه على المستطيع: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً﴾.