جلد من زنى بأَمَةِ امرأته إذا أذِنَتْ له فيها مِائَةُ (١)، وإنما ذلك تعزيرٌ وتأديب". (٢)
القول الثاني: أنَّ دلالةَ مفهومِ الآية ومنطوقِ الحديثِ المقصود بهما التفريق بين حالتي الأَمَة في إقامة الحَدّ لا في قَدْرِهِ؛ فإذا كانت محصنة فلا يُقيم الحَدَّ عليها إلا الإمام، ولا يجوز لسيدها إقامته والحالة هذه، وأما قبل الإحصان فسيدها بالخيار بين إقامته هو بنفسه أو رفعه للإمام، والحَدُّ في كلا الحالتين على النصف من حَدِّ الحُرَّة.
رُويَ هذا القول عن ابن عمر رضي الله عنهما. (٣)
وهو قولٌ في مذهب أحمد. (٤)
ونقله ابن القيم، وجعله من أقرب الأقوال في الجواب عن مفهوم الآية. (٥)
إلا أنَّ الحافظ ابن كثير تعقب هذا القول فقال: "وهذا بعيد؛ لأنه ليس في الآية ما يدل عليه، ولولا هذه لم نَدْرِ ما حكم الإماء في التنصيف، ولوجب دخولهن في عموم الآية في تكميل الحَدّ مائة أو رجمهن، كما ثبت
_________
(١) عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ - رضي الله عنه - عَنْ النَّبِيِّ - ﷺ - فِي الرَّجُلِ يَأْتِي جَارِيَةَ امْرَأَتِهِ قَالَ: "إِنْ كَانَتْ أَحَلَّتْهَا لَهُ جُلِدَ مِائَةً، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَحَلَّتْهَا لَهُ رَجَمْتُهُ". أخرجه أبو داود في سننه، في كتاب الحدود، حديث (٤٤٥٩). وضعفه الألباني في ضعيف سنن أبي داود، ص (٣٦٧).
(٢) انظر: تفسير ابن كثير (١/ ٤٨٨).
(٣) عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال في الأمة: "إذا كانت ليست بذات زوج فزَنَت: جُلِدَت نصف ما على المحصنات من العذاب، يجلدها سيدها، ؛ فإن كانت من ذوات الأزواج رُفِع أمرها إلى السلطان". أخرجه عبد الرزاق في المصنف (٧/ ٣٩٥)، وإسناده صحيح.
(٤) انظر: اختلاف العلماء، للمروزي (١/ ٢٠١)، وتفسير ابن كثير (١/ ٤٨٩).
(٥) انظر: زاد المعاد، لابن القيم (٥/ ٤٤).


الصفحة التالية
Icon