بمعناه في اصطلاح المحدثين ـ إلا ما ذكره أبو جعفر الطحاوي في كتابه «مشكل الآثار»، حيث أشار في مقدمة كتابه لمعنى المُشْكِل فقال: «وإني نظرت في الآثار المروية عنه صلى الله عليه وسلم، بالأسانيد المقبولة، التي نقلها ذوو التثبت فيها والأمانة عليها، وحسن الأداء لها، فوجدت فيها أشياء مما يسقط معرفتها، والعلم بما فيها عن أكثر الناس، فمال قلبي إلى تأملها، وتبيان ما قدرت عليه من مشكلها، ومن استخراج الأحكام التي فيها، ومن نفي الإحالات عنها». اهـ (١)
وهذا الذي ذكره الطحاوي يُعد وصفاً لمعنى المشكل، لا تعريفاً له، وقد استفاد منه من جاء بعده من المتأخرين، حيث نقله الدكتور أسامة خياط، واستخلص منه تعريفاً لمشكل الحديث بأنه: «أحاديثُ مرويةٌ عن رسول الله - ﷺ -، بأسانيد مقبولة، يُوهِمُ ظاهرها معاني مستحيلة، أو مُعارضة لقواعد شرعية ثابتة». (٢)
وأفاد من هذين التعريفين الدكتور فهد بن سعد الجهني، فإنه نقل كلام الطحاوي ثم قال: «فمن الممكن استخلاص تعريفٍ للمشكل من خلال نص الطحاوي هذا بأنه: الحديث المروي عن رسول الله - ﷺ - بسند مقبول، وفي ظاهره تعارض يقتضي معنى مستحيلاً، عقلاً أو شرعاً؛ يحتاج في دفعه إلى نظر وتأمل». (٣)
وقد أشار إلى أنه أفاد من تعريف الدكتور أسامة. (٤)
وذكر الأستاذ عبد الله المنصور في كتابه «مشكل القرآن» تعريفاً مقارباً لما ذُكِرَ، مع إضافة بعض الضوابط التي استخلصها من خلال استقرائه لبعض المؤلفات في مشكل الحديث، وقد خلص إلى أنَّ المراد بمشكل الحديث:
_________
(١) مشكل الآثار، للطحاوي (١/ ٦).
(٢) مختلف الحديث، لأسامة خياط، ص (٣٦).
(٣) قواعد دفع التعارض عند الإمام الشافعي، للدكتور فهد بن سعد الجهني، بحث منشور في مجلة جامعة أم القرى، لعلوم الشريعة واللغة العربية وآدابها، المجلد (١٧)، العدد (٣٢)، ص (٢٦٢).
(٤) المصدر السابق، ص (٢٩٦)، حاشية رقم (٣٠).