القضاء المعلق. (١)
والأحاديث الواردة في أنَّ صلة الرحم تزيد في العمر محمولة على المعنى الأول؛ فإنَّ الله يمحو ما يشاء فيه ويثبت، والآيات التي تفيد أنَّ الأجل لا يتقدم ولا يتأخر محمولة على المعنى الثاني، فلا محو فيه ولا إثبات.
قالوا: ومما يؤكد هذا المعنى قوله في الآية التي قبلها: (لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ) ثم قال: (يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ) أي من ذلك الكتاب (وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) أي أصله وهو اللوح المحفوظ فلا محو فيه ولا إثبات. (٢)
قال الشوكاني:
"المحو والإثبات في الآية عامان يتناولان العمر والرزق، أو السعادة والشقاوة | ، ولم يأت القائلون بمنع زيادة العمر ونقصانه بما يخصص هذا العموم". اهـ (٣) |
_________
(١) لله تعالى في خلقه قضاءان: مبرماً، ومعلقاً بفعل؛ فالمبرم: هو عبارة عما يقدره تعالى في الأزل من غير أن يعلقه على فعل، وهو في الوقوع نافذ لا محالة، ولا يمكن أن يتغير بحال، ولا يتوقف وقوعه على المقضي عليه، ولا المقضي له؛ لأنه من علمه سبحانه بما كان وما يكون، وخلاف معلومه سبحانه مستحيل قطعاً، وهذا النوع لا يتطرق إليه المحو والإثبات، قال تعالى: (وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ) [الرعد: ٤١]، وقال النبي - ﷺ -: قال الله تعالى: "إِنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ". [أخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب الفتن وأشراط الساعة، حديث (٢٨٨٩)]. وأما القضاء المعلق: فهو أن يعلق الله تعالى قضاءه على شيء؛ فإن فعل العبد ذلك الشيء كان له كذا وكذا، وإن لم يفعله لم يكن شيء، وهذا النوع يتطرق إليه المحو والإثبات، كما قال تعالى: (؟ ؟ ؟ ؟ ؟) [الرعد: ٣٩]. انظر: مرقاة المفاتيح، للملا علي القاري (١٠/ ٤٣٠)، وتحفة الأحوذي، للمباركفوري (٦/ ٣٣٣).
(٢) انظر: فتح الباري، لابن حجر (١٠/ ٤٣٠)، وصحيح مسلم بشرح النووي (١٦/ ١٧٣)، وشرح العقيدة الطحاوية، لابن أبي العز الحنفي (١/ ١٥١ - ١٥٢)، وشرح سنن ابن ماجة، للسيوطي
(١/ ٢٩١).
(٣) تنبيه الأفاضل، ص (٢٠).