وأجاب أصحاب هذا المذهب عن الأحاديث بأنها محمولة على المجاز، لا الحقيقة، إلا أنهم اختلفوا في معنى "الزيادة" الواردة فيها على أقوال:
الأول: أنَّ الزيادة كناية عن البركة في العمر؛ بسبب توفيق صاحبه إلى الطاعة، وعمارة وقته بما ينفعه في الآخرة، وصيانته عن تضييعه في غير ذلك، فينال في قصير العمر ما يناله غيره في طويله. (١)
وهذا قول: أبي حاتم السجستاني (٢) (٣)، وابن حبان (٤)، وابن التين (٥).
واختاره: النووي (٦)، والطيبي (٧) (٨).
القول الثاني: أنَّ الزيادة كناية عما يبقى بعد موته من الثناء الجميل، والذكر الحسن، والأجر المتكرر، حتى كأنه لم يمت.
حكى هذا القول القاضي عياض (٩)، وهو مذهب أبي العباس القرطبي. (١٠)
القول الثالث: أنَّ معنى الزيادة في العمر: نفي الآفات عمن وصل رحمه، والزيادة في فهمه وعقله وبصيرته.
_________
(١) انظر: فتح الباري، لابن حجر (١٠/ ٤٣٠)، وكشف المشكل من حديث الصحيحين، لابن الجوزي
(٣/ ١٨٧)، ومرقاة المفاتيح، للملا علي القاري (٩/ ١٤٠)، وروح المعاني، للآلوسي (٤/ ٣٩٦ - ٣٩٧).
(٢) هو: سهل بن محمد بن عثمان، السجستاني ثم البصري، المقريء النحوي اللغوي، (ت: ٢٥٥ هـ). انظر: سير أعلام النبلاء، للذهبي (١٢/ ٢٦٨).
(٣) نقله عنه البغوي في شرح السنة (٦/ ٤٢٦).
(٤) صحيح ابن حبان (٣/ ١٥٣).
(٥) نقله عنه الحافظ ابن حجر في الفتح (١٠/ ٤٣٠).
(٦) صحيح مسلم بشرح النووي (١٦/ ١٧٢).
(٧) هو: الحسين بن محمد بن عبد الله، شرف الدين الطيبي: من علماء الحديث والتفسير والبيان، من أهل توريز، من عراق العجم، كان شديد الرد على المبتدعة، ملازماً لتعليم الطلبة والإنفاق على ذوي الحاجة منهم، آية في استخراج الدقائق من الكتاب والسنة، من كتبه "التبيان في المعاني والبيان" و"الخلاصة في معرفة الحديث" و "شرح مشكاة المصابيح"، وغيرها (ت: ٧٤٣هـ). انظر: الأعلام، للزركلي (٢/ ٢٥٦).
(٨) شرح الطيبي على مشكاة المصابيح (١٠/ ٣١٦٠).
(٩) إكمال المعلم بفوائد مسلم، للقاضي عياض (٨/ ٢١).
(١٠) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي (٦/ ٥٢٨)، وانظر: صحيح مسلم بشرح النووي
(١٦/ ١٧٣)، وتفسير القرطبي (٩/ ٢١٦).


الصفحة التالية
Icon