تفسير قوله تعالى: (ولله ملك السماوات والأرض وإلى الله المصير)
قال الله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ﴾ [النور: ٤٢].
كل هؤلاء عبيد من خلق الله، وهم ملك من أملاك الله، فالسماوات ومن فيها وما فيها، والسبع الأرضون من فيها وما فيها، ما في الكل وما بينهما من ملك وإنس وجن، وما سوى ذلك من أنواع المخلوقات كلهم يأتي الله يوم القيامة عبداً، وهم في الدنيا كذلك عبيد ومماليك لله، فلا أمر لأحد منهم ولا نهي مع الله، فالكل عبد لله سواء كان مطيعاً مؤمناً، أو عاصياً متمرداً كافراً، فمنذ وقف ﷺ في هذه الأرض المقدسة وقال: (يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً) كانت هذه الأمم منذ دعا لذلك أمماً محمدية، فمن أطاع فهو من أمة الاستجابة، ومن تمرد كان من أمة الدعوة.
﴿وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ﴾ [النور: ٤٢] فمصيرنا بعد ذلك إلى الله، حيث نموت ثم نحيا ونبعث ونحاسب على ما قدمناه في حياتنا، فمن كان مؤمناً فقد فاز وأفلح، وسيعيش العيشة الأبدية في نعيم من الله ورضوان، ومن حشر وعرض كافراً فله الخزي والغضب والخلود في النار، ولذلك فكلمة المصير هنا فيها نذارة وتهديد ووعيد، والمعنى: يا هؤلاء الذين تمردوا على الله وعصوه وعصوا رسله! مصيركم مهما طالت حياتكم، وامتدت أزمانكم إلى البعث والنشور، فسيبعثون ليحاسبوا على ما قدمت أيديهم: إن خيراً فخير، وإن شراً فشر.
ثم قال تعالى في بيان قدرته على كل شيء ليفكر المفكر، ويتدبر المتدبر، ويزداد المؤمن بذلك إيماناً، وتعود إلى الكافر يوماً بصيرته، ويعود إليه فهمه، فيؤمن ويقول: رب اغفر لي يوم الدين.


الصفحة التالية
Icon