تفسير قوله تعالى: (والقواعد من النساء)
ثم قال تعالى: ﴿وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [النور: ٦٠].
هذه الآية خاصة بالعجائز، يقول تعالى: ﴿وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النور: ٦٠] القواعد جمع قاعد، كحائضات وحائض.
وقوله: ﴿اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا﴾ [النور: ٦٠] هن النساء اللاتي انقطع حيضهن، وما عدن يردن الأزواج، فأصبحن أرامل بموت أو طلاق، أو لأي سبب من الأسباب، وهؤلاء القواعد أكثر حياتهن جلوساً، فلهن الأولاد والنساء يخدمنهن، وهن ﴿اللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ﴾ [الطلاق: ٤] أي: اللائي لم يعدن يلدن.
ووصفهن الله بقوله: ﴿اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا﴾ [النور: ٦٠] أي: لا يرجون ولا يرغبن ولا يشتهين النكاح، وهذا ليس للتي انقطع حيضها فقط، فقد ينقطع الحيض عند الأربعين أو قبلها أو بعدها بقليل، ويبقى فيها آثار الجمال، وتكون مرغوبة، ولكن هذه الآية تطلق على العجائز اللاتي لم يعدن يرغبن لا في زواج ولا في جماع، ولو وقع لها فلا تلد؛ لأنها يئست من المحيض، وهؤلاء في هذه الحالة لا يرغب فيهن، فرخص الله تعالى لهن أن يخففن من سترهن دون الشواب.
فقال تعالى: ﴿فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ﴾ [النور: ٦٠] أي: لا جناح عليهن ولا مانع ولا ذم ولا مسئولية أن يضعن ثيابهن في بيوت الأجانب، أو مع وجودهم إذا دخلوا عليهن بإذن منهن.
وما الثياب التي توضع؟ ليس المراد أن تجلس معهم عريانة، ولا كاشفة شعرها، ولكن هذا الجلباب الخارجي الذي يجب أن تلبسه الشواب ومن لا يزال فيهن أثر من الجمال والرغبة في الرجال.