شروط وضع الثياب للقواعد
ثم قال تعالى: ﴿غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ﴾ [النور: ٦٠] أي: إذا لم يكن متزينات متشببات بكحل ودهن وحمرة وحلي، ونحو ذلك، فيجوز لهن الوضع من ثيابهن، وكثير من النساء يتزين ويضعن ثيابهن؛ للتغرير بالناس، ولكن هيهات أن يصلح العطار ما أفسد الدهر، وإن فعلت -أي: التزين- فالشرع لم يمنعها، ولكن في هذه الحالة منعها أن تزيل ثيابها عند الأجانب؛ لأنها غيرت شكلها، وقد تغر من لا يعرف أنها عجوز، فقد يغتر بها بعض الناس ويظن أنها ترغب في الاتصال؛ بدليل التزين.
ومعنى: (غير متبرجات بزينة) أي: ألا يكن قد تزين إلى أن أصبحن كالبرج ظاهرة في الزينة، وبما يعتبر فتنة إن هي كشفت ذلك وأزالت ثيابها عنها.
الحاصل: أنه يباح للعجائز أن يخلعن الثياب الخارجية، أي: الرداء أو اللباس الأسود الذين يلبس، مع ستر الشعر والعنق، ولكن بشرط ألا يكن متبرجات متزينات لا بحمرة ولا بعطر ولا بثياب شفافة، ولا بشيء من ذلك.
ولعل عجائز اليوم يتزين أكثر من الشواب، وفي هذه الحالة لا يجوز لهن أن يضعن ثيابهن؛ لأنهن تبرجن بزينتهن، ووضع الثياب مشروط بعدم التبرج بزينة.
ثم قال تعالى: ﴿وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ﴾ [النور: ٦٠] أي: إن يستعففن عن وضع الثياب -أي: الجلباب الخارجي والرداء- إذا دخل عليهن أجنبي فهو خير لهن، وأعظم في الأجر والثواب من الله.
ثم قال تعالى: ﴿وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [النور: ٦٠] أي: سميع لهؤلاء فيما يقلن، فمن قالت خيراً فلها الخير، ومن قالت غير ذلك فلها ما قالت، والله يعلم كل ذلك ويسمعه، وهو أيضاً عليم بنياتهن وضمائرهن، فإن تبرجن رغبة في الرجال، وتشبباً فلا يجوز لهن ذلك، ويعتبرن صغيرات العقل، وقد عرضن أنفسهن لمن لا يشتهيهن ولا يخطرن بباله، ولذلك كثيراً ما قالوا: إن العجوز للشاب هي سبب مرضه ودائه وسرعة موته، ﴿قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾ [الطلاق: ٣] ولكل شيء أجل وأدب وقاعدة.


الصفحة التالية
Icon