تفسير قوله تعالى: (ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيراً)
قال تعالى: ﴿وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا﴾ [الفرقان: ٣٣].
أي: لا يأتيك هؤلاء الكفار بمثل من الأمثال التي يضربونها لك بالمتشابهة من الأضاليل والأباطيل إلا جئناك بالحق الذي يزيفها، ويدحضها، ويكشف باطلها، مما يصلح حقاً تدركه النفوس السليمة والعقول المدركة، أما التي لا علم عندها ولا نور ولا إيمان معها فتلك كالأنعام بل هي أضل.
فقوله: ﴿وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا﴾ [الفرقان: ٣٣] أي: بضرب مثل أو تشبيه، فقد كانوا يقولون فيه تارة بأنه افترى، وتارة بأنه بشر من الناس يأكل ويشرب، ويتنقل في الأسواق، ويتزوج كما نتزوج، ويتألم كما نتألم، ويسر كما نسر، فهذه الأمثال التي يأتون بها يأتي الله عليها بالحق وبما هو أحسن تفسيراً، وأبين وضوحاً، وأكمل وعياً وأداءً.
وأصل التفسير: الفسْر، والفسْر معناه: الكشف، ويقال: نحن نفسر كتاب الله، أي: نكشف حقائقه، ونبين معانيه، ووقت نزوله، وماذا يراد به مما فسره به المصطفى ﷺ والصحابة الأكرمون والتابعون لهم بإحسان، وما ورد في ذلك من إجماع، وما تؤديه اللغة العربية بلاغة ونحواً ولغة.
فالتفسير: التبيين والكشف والفسر عن الشيء حتى يبين ويوضح، فيقول تعالى: ما ضرب هؤلاء الكفار أمثالاً لك لضلالهم وزيغهم ما أنزل الله بها من سلطان إلا وأجبناك عليها بالحق، وبالواقع، وبما ليس فيه زيف ولا باطل، وهو أحسن تفسيراً، وأحسن بياناً، وأحسن كشفاً.
وكلمة (أحسن) هنا ليست على بابها، فمعنى القرآن حسن التفسير، أي: حسن الإيضاح والبيان، أما أمثالهم فلا حسن فيها، ولا بيان معها، ولا كشف لحقيقة تؤخذ منها.


الصفحة التالية
Icon