تفسير قوله تعالى: (الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم)
قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا﴾ [الفرقان: ٣٤].
هؤلاء الكافرون الذين يهرفون بما لا يعرفون، والذين يضربون لك الأمثال الضالة الباطلة؛ زيغاً وفساداً وصداً عن الله وعن كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، سيحشرون يوم القيامة على وجوههم إلى جهنم.
وسئل النبي عليه الصلاة والسلام كيف يكون ذلك؟ فكان
ﷺ ( الذي جعله يمشي على قدميه قادر على أن يجعله يمشي على وجهه) وقد فعل جل جلاله ما أخبر؛ لكفرهم في الدنيا، ولطغيانهم، ولكبريائهم على الله ورسوله، ولتعاظمهم على عباد الله، وعلى العارفين بالله، وعلى الداعين إلى الله.
فهؤلاء الكافرون الذين لم يؤمنوا بالحق عندما يحشرون فإنهم يحشرون على وجوههم، فتكون وجوههم إلى الأسفل، فقد كانوا في الدنيا يمشون على أقدامهم، ففي يوم المحشر يمشون على وجوههم زاحفين، ويبقون في المحشر كذلك إلى أن يصدر الأمر الإلهي للملائكة بأن يجروهم كذلك إلى جهنم وبئس المصير.
وقوله: ﴿أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا﴾ [الفرقان: ٣٤] أي: الذين ضربوا الأمثال لرسول الله صلى الله عليه وسلم، واتهموه في صدقه، وفي علمه، وفي الكتاب المنزل عليه، وفي عقله وإدراكه وقالوا وقالوا، هم شر مكاناً.
والشر أيضاً على غير بابها، فهم الأشرار، وهم المبطلون، وهم الفاسقون، وهم الكذبة الفجرة.
وأما سيد البشر ﷺ فهو في الذروة العليا: مكاناً وصلاحاً، وتقىً، وصدق رسالة، ونبوءة تبليغ وبلاغ بما كلفه الله به أن يبلغه.
وأما أولئك الكفرة الفجرة فأولئك في مكان شر وفاسد، في جهنم وساءت مصيراً.
وقوله: ﴿وَأَضَلُّ سَبِيلًا﴾ [الفرقان: ٣٤] أي: هم الأضل طريقاً، وأيضاً معنى (أضل) هنا على غير بابها، أي: هم الضالون في طريقهم وفي سبيلهم، فليست الطريق التي يسلكونها إلا طريق الكفار والمغضوب عليهم، والضالين والمشركين.
وأما طريق النبي ﷺ فهو الطريق المستقيم، وطريق الأنبياء والمرسلين، وهو الطريق الذي أمر الله به، ودل عليه كتاب الله، وهو الطريق الذي فسره وبينه بوحي من ربه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
ولذلك فإن الدنيا فيها ظلمة ونور، وحق وباطل، فللمؤمن النور والحق، ولمن سوى ذلك الضلال والظلمة والفساد والزيغ عن الحق ﴿أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا﴾ [الفرقان: ٣٤].