تفسير قوله تعالى: (قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم)
قال تعالى: ﴿قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا﴾ [الفرقان: ٧٧].
أي: قل يا رسولنا: ﴿مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ﴾ [الفرقان: ٧٧] فلا يهتم بكم ربنا، ولا يعطيكم وزناً، (لولا دعاؤكم) والدعاء هنا العبادة، ودعاء الله عبادة، بل هو مخ العبادة كما قال نبينا صلوات الله وسلامه عليه.
فالله تعالى يقول لكل البشر -وإن كان ختام الآية يدل على أن الخطاب للكفار-: ﴿قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ﴾ [الفرقان: ٧٧] فالله لا يهتم بكم لولا تضرعكم، فلا وزن لكم عنده، إذا هم كفروا، والله ما خلق الجن والإنس إلا للعبادة، قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: ٥٦]، فإذا خرجوا عما خلقوا من أجله أصبحوا حيوانات، بل الله تعالى وصفهم بأنهم أضل من الأنعام، فالأنعام نستفيد من ظهورها، ومن بطونها، ومن أشعارها وأوبارها، ومن صوفها، والكافر الذي لا دين له يكون كلاً على الخلق، فضرره أكثر من نفعه، ووجوده في باطن الأرض خير لكل الناس من وجوده على ظهرها.
يقول تعالى: ﴿قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ﴾ [الفرقان: ٧٧]، فما يعبأ بنا ربنا لولا عبادتنا، ولولا دعاؤنا وضراعتنا بأن يغفر ذنوبنا ويكفر عنا سيئاتنا.


الصفحة التالية
Icon