تفسير قوله تعالى: (الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة)
ثم وصف تعالى المؤمنين فقال: ﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾ [النمل: ٣].
فالمؤمنون حقاً هم الذين يقيمون الصلاة في أول أوقاتها بشروطها وأركانها وواجباتها وسننها ومستحباتها، من طهارة واستقبال قبلة وقيام وركوع وجلوس وذكر وخشوع وحضور قلب، فيؤدون حق الله من صلاة ونحوها، ويؤدون حق العباد فيما أمرهم الله به من أموالهم عندما تبلغ النصاب.
وكثيراً ما يقرن الله بين حقه وحق العباد، ومما يدل على مكانة الزكاة في الإسلام أن أول حرب بعد رسول الله ﷺ كانت من أجل حقوق العباد، وهي أول حرب قام بها أبو بكر رضي الله عنه بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث حارب المرتدين الذين امتنعوا عن أداء حق الله وحق عباد الله لاعتقاد بعضهم أنها وجبت في حياة رسول الله لا بعده، فقاتلهم أبو بكر رضي الله عنه.
وعندما حاول الأصحاب أن يعترضوا على ذلك قال: والله لو منعوني عناقاً -أو عقال بعير- كانوا يؤدونه إلى رسول الله ﷺ لقاتلتهم عليه.
قال تعالى: ﴿وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾ [النمل: ٣] أي: يؤمنون بيوم البعث، ويؤمنون بالحياة الثانية، ويؤمنون بيوم الحساب والعقاب إما إلى جنة وإما إلى نار.
ولا يؤمنون بذلك مع شك وريب، ولا يؤمنون به صباحاً ويجحدونه مساء، بل يوقنون إيقاناً باتاً لا ريب فيه ولا شك بأننا بعد الموت سنعيش مرة ثانية.