تفسير قوله تعالى: (وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم)
قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ﴾ [الأعراف: ٨٢].
أصبحت الطهارة جريمة، وأصبحت القذارة والوساخة هي الحسنة.
أي: ما كان جواب قوم لوط للوط عن هذا الذي استنكره من فعلهم، ومن فواحشهم، ومن بلائهم الذي لم يسبقوا إليه، إلا أن اتفقوا وتآمروا وقال بعضهم لبعض: أخرجوا لوطاً وآله من قريتكم، وما جريمتهم؟! ﴿إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ﴾ [النمل: ٥٦]؛ لأنهم طاهرون أتقياء مؤمنون، ولأنهم ابتعدوا عن الفحشاء والمنكر.
فجعلوا النجس الطاهر والمتطهر هو النجس، وجعلوا نجاستهم طهارة، وهكذا هو الكبر في كل وقت، وطالما شهدنا الفسقة يدعون لكفرهم وشيوعيتهم واشتراكيتهم وإباحيتهم فيجعلون المنكر هو المعروف، والمعروف هو المنكر، ويجعلون ذلك أشياء شخصية لا يملكها إلا صاحب الشأن، فالرجل يسلم نفسه أو لا يسلمها، والمرأة إن كانت متزوجة أو بلغت سن الرشد فالحق حقها، فلها أن تتصرف بما تريد وبما تشاء.
وقد سمعنا أشخاصاً كباراً ورؤساء محاكم يدافعون عن هذا، فيدعون إلى القذارة والوساخة والحقارة، وكنا ننظر إليهم نظرتنا إلى خنزير وكلب، فيسقط المرء منهم من أعيننا سقوطاً، لا يذكر معه في فصيلة الإنسان ولا في فصيلة الحيوان، إلا الكلب والخنزير.
قال تعالى: ﴿فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ﴾ [النمل: ٥٦].
قوله تعالى: (آل لوط) يشمل لوطاً وأهله، (إنهم أناس يتطهرون) (أناس) جمع لا مفرد له من لفظه.


الصفحة التالية
Icon