تفسير قوله تعالى: (فأنجيناه وأهله إلا امرأته قدرناها من الغابرين)
قال تعالى: ﴿فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ﴾ [النمل: ٥٧].
أي: عاقبهم الله ودمرهم وسحقهم وقضى عليهم، وأنجى لوطاً وأهله إلا زوجته، أنجاهم من بلائهم، ومن تدميرهم، ومن لعنة الله عليهم، ولم يهلك من أهله إلا زوجته، قال تعالى: (قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ).
فسبق في قدر الله وقضائه المبرم أنها من الغابرين الهالكين، ومن الباقين في البلدة غير الناجين، لا لأنها كانت فاسدة في نفسها، فأنبياء الله أكرم على الله من ذلك، ولكنها كانت تدل قومها إذا جاء لوطاً شاب أو رجل، كما فعلت عندما جاء ملائكة الرحمن، حيث جاءوا يخبرونه بأن يترك البلد خلال ثلاثة أيام، وبأنه سبق في علم الله تدمير قرية سدوم والقضاء عليها وسحقها، وجعل عاليها سافلها وإمطارها بحجارة من سجيل.
فجاء جبريل في اليوم الموعود فحمل قرى قوم لوط كما يحمل الشيء إلى أن سمع نباح كلابهم وأصواتهم في السماء الدنيا، ثم قلب بهم الأرض فهووا إلى الأرض ممزقين مقطعين مبعثرين، وقد رماهم الله كذلك بحجارة من سجيل كانوا يرجمون بها رجماً، وكان من أصيب وقلب به يذوب ذوباناً.
قال تعالى: ﴿فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ﴾ [النمل: ٥٧] فكانت في قدر الله السابق وإرادته المحكمة من الباقين في الهلاك، ومن المقضي عليهم؛ لأنها كانت تساعد قومها على هذه الفاحشة.