معنى قوله تعالى: (وما يشعرون أيان يبعثون)
قال تعالى: ﴿وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ﴾ [النمل: ٦٥].
فهؤلاء المشركون لا يشعرون ولا يدركون كيف سيبعثون، بل والمؤمنون كذلك لا يدرون ولا يشعرون كيف سيبعثون، كالنائم عندما ينام، فهو يحرص على أن يتابع نومه ليدرك ذلك، فلا يشعر إلا وقد استيقظ مع الصباح، ولا يعلم كيف نام.
وهكذا الإنسان لا يشعر بأنه كان نطفة في رحم أمه، وأنه كان قبل ذلك في صلب أبيه، ولا يذكر كيف ولد ولا كيف رضع، ولا كيف حبا، ولا كيف مات، وهكذا يوم القيامة لا نشعر إلا ونحن وقوف بين يدي رب العزة جل جلاله حفاة عراة غرلاً، وقد دهشت عائشة فقالت: (الرجال والنساء ينظر بعضهم إلى بعض؟! قال: يا عائشة! الأمر أشد من ذلك)، ﴿يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ﴾ [عبس: ٣٤ - ٣٦].
يوم يقول كل واحد من الأنبياء والرسل: نفسي نفسي! حينما يستشفع، فما بالك بغيرهم، والذي لا يقول: نفسي نفسي هو خاتمهم ﷺ وحده، فهو الذي يجيب ويقول: (أنا لها، أنا لها)، ويذهب فيخر ساجداً بين يدي العرش، ويلهم إذ ذاك بما يلهمه الله إياه.
وكما لا نشعر كيف خلقنا فإننا سنبعث بعد ذلك، ولا نشعر كيف بعثنا، ولكنا نعلم ذلك علماً كما أخبرنا به الله في كتابه، وأخبرنا به رسوله في سنته صلى الله عليه وسلم، فصدقنا ذلك وعلمناه علم يقين، وآمنت به جوارحنا وجميع خلايا أجسامنا، ولو كشف لنا الغطاء لما ازددنا إلا يقينا بما علمناه عن ربنا، وتعلمناه من نبينا.


الصفحة التالية
Icon