تفسير قوله تعالى: (لقد وعدنا هذا نحن وآباؤنا من قبل)
ثم عادوا فأصروا على الكفر فقالوا: ﴿لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ﴾ [النمل: ٦٨].
قال لهم ذلك اليهود والنصارى بعد أن بدلوا وغيروا كتابيهم، فقال الوثنيون عباد الأحجار والمخلوقات: ﴿لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا﴾ [النمل: ٦٨]، وهو أننا سنعيش بعد الموت، وسنعود بعد التراب إلى ما كنا عليه من قبل في دار الدنيا، وعدنا هذا نحن وآباؤنا من أنبياء سابقين، وسمعنا هذا عن آبائنا كذلك، قبل أن يقوله النبي عليه الصلاة والسلام، وينزل به القرآن الكريم.
ثم عادوا فقالوا: ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ﴾ [النمل: ٦٨]، فهذه عقيدتهم، وهذا إصرارهم على الشرك والكفر.
يقولون: ﴿إِنْ هَذَا﴾ [النمل: ٦٨] أي: ما هذا، فـ (إن) نافية، أي: ليس هذا إلا أساطير، فما هو إلا خرافة وحكاية سطرت وكتبت في القصص وأحاديث الأولين، رواها الآباء عن الأجداد والأبناء عن الآباء، وليس هذا الذي يقرأ في الكتاب المنزل عليك كما تقول إلا ترداداً لذلك، وهذا ما لا يزال يقوله الكفار إلى اليوم من يهود ونصارى ومجوس.
فمن النصارى واليهود من لا يزال يقول: إنما البعث بعث الأرواح، والأرواح عندهم شيء لا وجود له.


الصفحة التالية
Icon