تفسير قوله تعالى: (ويوم ينفخ في الصور)
قال تعالى: ﴿وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ﴾ [النمل: ٨٧]، وفي قراءة سبعية: (وكل آتوه داخرين).
والصور: قرن ينفخ فيه، والنفخة يصعق لها ويفزع لها من في السموات ومن في الأرض لشدتها وشدة انتشارها، وقد سأل أبو هريرة الراوي للحديث رسول الله عن الصور، فقال: (قرن، خلق إسرافيل ملك الله فكلف به).
وفي الحديث الصحيح أن إسرافيل منذ استلم القرن وضع فمه عليه ينتظر الأمر بالنفخ فيه.
والنفخ في الصور ثلاث نفخات: نفخة الفزع، ونفخة الصعق، ونفخة البعث.
فنفخة الفزع هي التي يذكرها الله هنا في قوله: ﴿وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ﴾ [النمل: ٨٧] أي: اذكر -يا رسولنا- وذكر غيرك، يوم ينفخ في الصور في آخر يوم من أيام الدنيا، يوم يؤمر إسرافيل بأن ينفخ في الصور فيفزع ويهلع ويرتعب من في الأرض ومن في السماء، وتكاد تخرج القلوب من الصدور، ويقفون مبهوتين منتظرين إرادة الله راضين أم كارهين.
والنفخة الثانية: نفخة الصعق، فينفخ إسرافيل فإذا بالكل يصعق ويخر ميتاً وكأنه لم يكن، كما قال تعالى: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ﴾ [الزمر: ٦٨] فهذه نفخة الصعق، والتي في الآية نفخة الفزع.
والنفخة الثالثة: بعد الموت، والله أعلم كم بين الأولى والثانية والثالثة.
وبعد النفخة الثالثة يقفون جميعاً قياماً بين يدي ربهم يوم القيامة، يوم العرض عليه، ﴿يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ﴾ [عبس: ٣٤ - ٣٧] يوم ترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله عظيم.
في هذا اليوم -يوم النفخة الثالثة في الصور- يقف الناس لرب العالمين.