معنى قوله تعالى: (الذي حرمها)
يقول تعالى لنبيه: ﴿إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا﴾ [النمل: ٩١].
أي: جعلها حراماً، فحرّم فيها القتل والقتال، وحرّم فيها الصيد.
ولذلك جاء عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما فيما رواه البخاري في الصحيح ومسلم في الصحيح وأصحاب السنن أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إن الله حرّم مكة يوم خلق الله السماوات والأرض).
فلم يحرّمها النبي ﷺ ولا جده الأعلى إبراهيم، ولكن حُرّمت -كما قال النبي عليه الصلاة والسلام- يوم خلقت السماوات والأرض، فإن صح أنه كان هناك خلق قبل آدم فقد كانت محرمة أيضاً عليه، لا يرتكبون فيها معاصي ولا يصيدون صيدها ولا يختلون خلاها؛ فهي حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يُقطع شجرها، ولا يُختلى خلاها، ولا ينفّر صيدها، ولا تُلتقط لقطتها إلا لمعرّف بها.
وقد أكد عليه الصلاة والسلام التحريم الأزلي منذ خلق السماوات والأرض كما فعل جده الأعلى خليل الله إبراهيم على نبينا وعليه الصلاة والسلام، والتحريم قد نص الله عليه وصرّح به في هذه الآية الكريمة ﴿إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا﴾ [النمل: ٩١] فجعلها حراماً لا يصاد صيدها، بل ولا ينفّر، وتنفيره: إبعاده، فيحرم على الإنسان أن يفعله، أما إذا اصطاد فعليه هدي زيادة على الإثم والحرام، بل إن لقطتها لا تُحمل من الأرض إلا لمن يريد أن يعرّف بها، وإلا فاتركها في مكانها ولا شأن لك بها، فدع اللقطة في مكانها إلى أن يأتي صاحبها.