تفسير قوله تعالى: (فسقى لهما ثم تولى إلى الظل)
وإذا بالله يقول عن موسى: ﴿فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ﴾ [القصص: ٢٤].
قالوا: لم يأكل أياماً وهو على غاية ما يكون من الجوع والحاجة للطعام، كان يأكل أوراق الشجر في الطريق حتى اخضر وجهه، وتعب بدنه، فسقى لهاتين المرأتين حسبة وخدمة.
(ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ) أي: ذهب إلى تحت شجرة يستظل بظلها من حر الشمس والصحراء، وللراحة من الكلل والتعب.
وقيل: إنه عندما ذهب للسقي أخذ يدافع الرجال بقوته، ووجد صخرة على فم البئر لا يكاد يُسقى إلا بقلة، وهم يحتفظون بذلك، فجاء إلى الصخرة فحملها قالوا: ويعجز عن حملها الرجال الكثيرون، فحملها كمن يحمل بيده شيئاً خفيفاً، ورمى بها ثم سقى لأغنامهما، ثم صرفهما وعاد مستريحاً تحت الظل، فاستظل بظل الشجرة وقال: يا رب! إني لما أنزلت إليّ من خير، أي: مما أكرمتني من خير وبما أكرمتني من فضل وعلم وحكمة، وأنجيتني من فرعون وظلمه وسلطانه وطغيانه، مع ذلك فأنا فقير يقول: أنا جائع فأطعمني يا رب.