تفسير قوله تعالى: (فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم)
قال الله تعالى: ﴿فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ﴾ [القصص: ٤٠].
كانت العاقبة الوخيمة لـ فرعون المتأله الكاذب أن أخذناه هو وجنوده من ملئه وكبرائه وأتباعه وأشياعه ومناصريه، فقذفناهم في البحر كما يقذف الشيء الذي لا قيمة له ولا شأن له، قذفهم الله في اليم فغرقوا وضاعوا وكأن لم يكن، وأبقى جثة فرعون على حالها؛ لتكون لمن خلفه آية؛ لأنهم زعموا أن الرب انتقل إلى مكان آخر، وأن فرعون لا يموت ولا يقتل، فعندما غرق في النيل أخرج الله جثته من النيل ليصبح جيفة تحتقرها النفوس، وإذا بها بقيت على حالها تعرض على الملأ يراها من يرى فرعون ويعرفه ويعلمه، بحيث تحققوا أن هذا الإله كاذب ليس إلا إنساناً كالناس أحياه الله فأماته، وهذه الجثة لا تزال إلى اليوم في متاحف مصر في الموميات، ولكن لا تعرف بعينها، ويقولون لك: هذه الجثث العشر أو العشرين هي لفراعنة مصر، هذا فلان، وهذا فلان، وهذا فلان، ولكن بالتأكيد القاطع: أن هذا فرعون موسى يحتاج ذلك إلى دليل، وأين الدليل؟ وأين البرهان؟ ولكن لاشك أنه واحد منهم، لأن الله أخبر بأنه سيجعله آية لمن يأتي بعده ولمن يأتي خلفه، وهو آية لا تزال إلى يومنا.
ذهب فرعون كما يذهب البشر وهلك وذهبت دعواه، وذهب قومه، وأورث الله الأرض موسى ومن معه، وأذل أولئك وسحقهم، وكانت العاقبة للمؤمنين، ﴿وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾ [الصافات: ١٧٣].
وقوله: ﴿فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ﴾ [القصص: ٤٠]، أي: انظر يا محمد وانظر يا من آمن بمحمد، ومن جاء بعده وإلى يوم القيامة كيف كانت عاقبة المشركين الظالمين لأنفسهم والظالمين للناس، والكاذبين على الله المدعين ما ليس لهم.


الصفحة التالية
Icon