تفسير قوله تعالى: (وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار)
قال الله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يُنصَرُونَ﴾ [القصص: ٤١].
هم أئمة نعم، هم حكام وملوك وسادة وزعماء، ولكن زعماء إلى النار، وأئمة الكفر لا يكتفون بالكفر في أنفسهم، بل يأبون إلا أن يكفروا ويدعوا غيرهم للكفر، وأن يشركوا ويدعوا غيرهم للشرك، وأن يظلموا ويدعوا للظلم.
وقوله: ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يُنصَرُونَ﴾ [القصص: ٤١].
أي: لم ينصروا في الدنيا، وكذلك يوم القيامة في الآخرة لا ينصرون؛ لا ينصر الله كافراً ولا يرحمه؛ لأنه ليس للكافر إلا الذل والهوان والغضب، والخلود في النار أبد الآبدين ودهر الداهرين، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: ٤٨].
قال الله تعالى: ﴿وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ﴾ [القصص: ٤٢].
معنى ذلك أنه يشرع لمن ذكر هذا الكاذب المتأله وأمثاله أن يتبع ذكره باللعنة، فيقول: قال فرعون لعنه الله، وقال الأقباط لعنهم الله، فهم متبوعون باللعنة وبالخزي وبسوء الذكر وبالاحتقار؛ نتيجة دعواهم ما ليس لهم به حق، فهؤلاء تتبعهم اللعنة في الدنيا، وهم يوم القيامة من المقبوحين الخزايا الملعونين الخالدين في النار، الذين لا يكاد يذكرهم أحد إلا بالخزي والبراءة من أعمالهم.
وليس فرعون إلا مثالاً لمن فعل فعله، وليس هو شخصاً بعينه، بل كان مثالاً لكل من جاء بعده إلى يوم القيامة، فكل من ادعى دعوى فرعون وقال: لا إله أو أنه الإله، أو ظلم وسفك وأكل المال الحرام، وجعل من نفسه رباً دون الله، فإن له اللعنة والخزي في الدنيا، وله القبح والتقبيح والخزي يوم القيامة، والخلود في النار أبد الآبدين.