تفسير قوله تعالى: (فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم)
قال تعالى: ﴿فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ﴾ [القصص: ٥٠].
أي: إن لم يأتوا بكتاب من عند الله هو أكثر هداية ونوراً وبصائر من التوراة والقرآن وأهدى من محمد وموسى عليهما السلام (فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ) أي: اعلم إنما يتبعون الأهواء، وهي جمع هوىً، أي: النزوات والأغراض والكلام بلا دليل ولا برهان ولا معنىً من عقل ولا نقل، وإنما يحملهم على ذلك الجهل والعناد والإصرار على الكفر.
قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ﴾ [القصص: ٥٠]، هل هناك أضل وأكثر ضلالاً وكفراً وشؤماً وعناداً في الكفر والشرك ممن أضله هواه ونطق وسعى به وعاش بالنزوات وبالشهوات وبالباطل والضلال، وكل من ليس مسلماً في الأرض هو هكذا، فكلهم حيوانات عجماء، يعيشون بقراً، والبقر أشرف منهم، وحتى أولئك الذي يوسمون بالعلم والاختراع والفهم والتأليف، قال تعالى: ﴿يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ﴾ [الروم: ٧]، فهم في غفلة وضلال وكفر وفسوق، والدواب والحيوانات أعقل منهم وأفهم.
قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ﴾ [القصص: ٥٠]، أي: اتبع الهوى بغير هاد من كتاب سماوي، أو هاد من نبي مرسل.
قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [القصص: ٥٠] الذين لا يريدون الهداية ولا الإيمان، ويأبون إلا الشرك والكفر والعصيان، فيصعد الران على قلوبهم، وينقلب النور الذي في نفوسهم إلى ظلمة، إذا أخرج أحدنا يده لم يكد يراها من ظلمة هؤلاء وكفرهم وشركهم.


الصفحة التالية
Icon