تفسير قوله تعالى: (وقيل ادعوا شركاءكم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم)
قال الله جلت قدرته: ﴿وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ﴾ [القصص: ٦٤].
الكلام لا يزال على هؤلاء الكفرة الذين أصروا على العصيان والجحود والنكران، إذ يقال لهم يوم القيامة: أين شركاؤكم الذين كنتم تدعون في دنياكم من دون الله؟ ادعوهم لينصروكم، ادعوهم ليؤازروكم ويخرجوكم من عذاب الله وغضبه ولعنته.
قوله: (قيل) أي: تقول الملائكة لهم ذلك عن أمر الله.
قال تعالى: ﴿فَدَعَوْهُمْ﴾ [القصص: ٦٤] أي: دعوا الشركاء، وإذا بالشركاء يتبرءون منهم ويكفرون بشركهم ويقولون لله: إنا برآء منهم، فقوله: ﴿فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ﴾ [القصص: ٦٤] أي: لم يجيبوهم ولم يلتفتوا لهم.
﴿وَرَأَوُا الْعَذَابَ﴾ [القصص: ٦٤] وهنا رأوا عذاب الله ولعنته في دخولهم للنار جزاءً وفاقاً على شركهم.
قال تعالى: ﴿وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ﴾ [القصص: ٦٤].
أي: ودّوا إذ ذاك لو أنهم اهتدوا في دار الدنيا كي لا يروا عذاباً ولا يدعوا شركاء، وودوا لو يحصل لهم ما يحصل للمؤمنين التائبين.
والجواب مقدّر، أي: ولو أنهم كانوا يهتدون لما رأوا عذاباً ولما دخلوا ناراً ولا عوملوا معاملة الجاحدين الكافرين، فالله يقص علينا حال الكفار يوم القيامة عندما يقومون للعرض عليه جل جلاله، ماذا سيكون لهم ويقص ذلك على الكافرين لعلهم يتوبون ويئوبون، ويقص ذلك على المؤمنين ليزدادوا إيماناً.


الصفحة التالية
Icon