تفسير قوله تعالى: (قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمداً)
قال تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ﴾ [القصص: ٧١].
يعيد الله ويذكر لنا علامات ودلائل وبيّنات وجلال قدرته، وأنه القادر على كل شيء، فيقول: يا محمد! قل لهؤلاء: ﴿أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ [القصص: ٧١] أي: إذا جعل الدنيا كلها والزمن كله ليالي لا نهار فيها ولا ضياء ولا شمس، إذا جعل الكون كله ظلاماً لا شمس ولا ضياء ولا نور ولا نهار.
﴿مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ﴾ [القصص: ٧١] يعني: هل هؤلاء الذين أشركتموهم بي يستطيعون أن يأتوكم بالنهار أو يأتوكم بالشمس، أو يستطيعون أن يأتوكم بالنور والضياء؟
ﷺ لا، وكلهم أقل من ذلك وأعجز، فالذبابة لا يستطيعون خلقها، بل إذا أخذت الذبابة منهم شيئاً لا يستطيعون أن يختطفوها منها، وكما قال ربنا جل جلاله: ﴿ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ﴾ [الحج: ٧٣] فالمطلوب هو المشرك به من دون الله وهو ضعيف ضائع، والطالب ذلك من غير الله ضعيف ضائع، وإذا سألت فاسأل الله، فوحده القادر على كل شيء جل جلاله وعلا مقامه، فلو أن الله جعل سنيَّ الدنيا كلها ليلاً، لا ضياء فيها ولا نهار ولا شمس ولا نور، فهل هذه الآلهة المزيّفة الباطلة تستطيع أن تُنجزكم وتغيثكم وتجعل لكم ضياء ونوراً؟
ﷺ لا، وكلهم أعجز من ذلك.
قال تعالى: ﴿أَفَلا تَسْمَعُونَ﴾ [القصص: ٧١] سماع فهم وقبول وإدراك، فقد عدّهم الله كما وصفهم أكثر من مرة بأن لهم آذاناً لا يسمعون بها، وإذا سمعوا لا يعقلون ولا يدركون ولا يعون.