تفسير قوله تعالى: (قال الذين يريدون الحياة الدنيا)
قال الله جلت قدرته: ﴿قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ [القصص: ٧٩].
قارون الذي طغى على قومه واتخذ نعم الله وآلائه، وخيراته وأرزاقه كفراً ومساعدة في الشر، وعوناً على العصيان والكفر، فقد ضرب الله به مثلاً للذين يريدون الحياة الدنيا ولا يريدون الآخرة.
وذات يوم خرج على قومه بني إسرائيل في زينته، في مهرجانه، وصولجانه، فقد خرج معه كذا وكذا ألفاً من الرجال والشباب والغلمان، والجواري على أنواع من الخيول والبغال في حرير وديباج وذهب وفضة وأنواع من الطرب والموسيقى، وهو يتيه بنفسه، ويأشر بماله، ويطغى بما يكسب، ويتعالى بذلك على قومه، وإذا بضعاف النفوس من قومه ممن يريدون الحياة الدنيا ولا يريدون الآخرة يقولون: ﴿يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ﴾ [القصص: ٧٩]، فلما رأوا هذا المنظر تمنوا على ربهم أن يكون لهم ما لـ قارون من المال والجاه والزينة والنشب، وأنواع ما يتيه به ذوو المال والجاه العريض في الأرض.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ [القصص: ٧٩].
أي: إنه لذو مال وجاه عظيم فقد أدركه الحظ والذكر الحسن بين قومه.