ابتلاء الصحابة رضي الله عنهم
وقد امتحن الصحابة في حياتهم بالقتال وبالقتل، وبالفقر وبالبؤس، وبالخروج من أرضهم وأموالهم، وبتخلل المنافقين بين أوساطهم، فمن ثبت نال وظفر وأصبح مع محمد ﷺ في الآخرة كما كان معه في الدنيا، ومن لم يصبر فقد نافق وارتد، فمنهم من نافق في الحياة النبوية، ومنهم من ارتد بعد الوفاة النبوية فخسر الدنيا والآخرة، وذلك الذي اضطّر الخليفة الأول أبا بكر رضي الله عنه لقتال هؤلاء الذين ارتدوا وغيّروا وبدّلوا، ولقتال أولئك الذين بقوا على الإسلام ولكنهم حاولوا أن يمنعوا الزكاة، فقاتلهم قتالاً لا هوادة فيه إلى أن انتصر عليهم، فآمن من آمن تائباً عائداً، وقُتل من قُتل، فكان دمه هدراً وقتله سيف الإسلام.
﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ﴾ [العنكبوت: ٢]، أي: أظن الناس أن يُتركوا بلا امتحان ولا اختبار ولا ابتلاء ولا فتنة وقد قالوا: إنا مؤمنون؟ والإيمان عمل بالقلب، والقلب لا يعلم دواخله وحقائقه إلا الله؛ ولذلك اختُبر وابتُلي، فمن صدّق بالجنان، وقال باللسان، وعمل الصالحات بالأركان وما إليها، وصبر على الفتنة والبلاء فذاك هو المؤمن الصادق، ومن لم يصبر فقد ذهب بخزي الدنيا والآخرة.


الصفحة التالية
Icon