تفسير قوله تعالى: (يعذب من يشاء ويرحم من يشاء)
قال الله تعالى: ﴿يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ﴾ [العنكبوت: ٢١].
فالخلق خلق الله، والكون كونه، والظالم لا يكون ظالماً إلا إذا تصرف في ملك الغير، والله لا شريك له في ملكه، ومع ذلك لا يظلم.
يقول تعالى في الحديث القدسي: (يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي فلا تظالموا)، وقال تعالى: ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ [فصلت: ٤٦].
ولكن الله عندما يعذب يعذب بحق، وعندما يرحم يرحم بحق، ومع ذلك يغفر الذنوب جميعاً إن شاء، إلا الشرك والكفر بالله، ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: ٤٨].
ومن عذبه وقد مات موحداً مؤمناً إنما يمحصه ويطهره من الآثام، ثم تكون النتيجة إخراجه من النار ودخوله الجنة، أما الكافر فلا يخرج أبداً، لأن الله حرم الجنة على الكافرين، ومن مات وهو يشرك بالله ولم يقل في حياته: ربي اغفر لي خطيئتي يوم الدين، فهو المشرك الكافر.
قوله: ﴿وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ﴾ [العنكبوت: ٢١].
أي: إليه المصير، والمعاد، وسنقلب وتعود حياتنا، وسيكون مصيرنا إليه، ليحاسب المحسن على إحسانه فيغفر له ويدخله الجنان، ويحاسب المسيء على إساءته فيغفر له إن شاء إن لم يكن كافراً، ويعذبه بالخلود في النار إن كان كافراً.