تفسير قوله تعالى: (ولما أن جاءت رسلنا لوطاً سيء بهم)
قال الله جل جلاله: ﴿وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لا تَخَفْ وَلا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ﴾ [العنكبوت: ٣٣].
يقول ربنا جل جلاله: لما أن جاءت ملائكته إلى لوط اغتم وحزن من أجلهم، وأخذه هم وكرب، وضاق بوجودهم ذرعاً، وخاف عليهم من فسقة قومه إن آواهم، وإن تركهم خاف عليهم كذلك من أن يصلوا إليهم بما اعتادوه من فحشاء وبلاء مما لم يسبقوا له في الأمم السابقة.
ولم يشعر أول مرة بهؤلاء الرسل الكرام، فقد ظنهم بشراً من الناس؛ لأنهم أتوا إليه في صورة شباب حسان، ولم يدر أنهم في الأصل ملائكة، وإذا بهم يشعرونه بحالهم وأنفسهم ويقولون: يا لوط لا تخف من قومك أن يصنعوا شيئاً، فأنت في حفظ متين، ولا تحزن عليهم فسيصيبهم ما أصاب الفسقة الفاجرين أمثالهم، فلا تخف ولا تحزن فإنا قد جئنا لعقابهم أمراً من الله جل جلاله، وإنا منقذوك ومبعدوك عن البلاء الذي سيصيبهم، وكذلك أهلك وأسرتك وبنتيك ومن معك من آل وأقارب وأتباع مؤمنين.
وقوله تعالى: ﴿إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ﴾ [العنكبوت: ٣٣].
أي: إلا زوجتك فإنها كانت ممن غبر في الخيانة والكفر والإجرام والتواطؤ مع قومك على فعل الفاحشة والبلاء، فكانت تدلهم على الشباب الأحداث الذين يحاولون المجيء إلى لوط عليه الصلاة والسلام، فإنها لن تنجو وستعاقب عقابهم، وتضرب ضربهم.


الصفحة التالية
Icon