تفسير قوله تعالى: (ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى)
قال الله تعالى: ﴿وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ﴾ [العنكبوت: ٥٣].
هؤلاء طلبوا العجلة بنزول العذاب، والسين والتاء في الفعل للطلب، فطلبوا الإسراع بالعذاب، والمعنى: ما سيكون يوم القيامة فليكن الآن في الدنيا.
يقول ربنا: ﴿وَلَوْلا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ﴾ [العنكبوت: ٥٣].
أي: لولا أن الله سبق أن وعد نبيه أنه لن يعذب أمته في الدنيا، وسيمهلهم بالعذاب إلى يوم القيامة، علهم يؤمنون، لجاءهم العذاب.
ولولا أن الله ضرب لذلك أجلاً مسمى عنده، وهو موت كل حي، لجاءهم العذاب، ولكن كل حي عند موته يدخل قبره، ويسأله ملائكة القبر: من ربك؟ من نبيك؟ ما دينك؟ ومن ساعتها يبدأ العذاب، ويوم القيامة يجمع بين عذاب النفس والروح، عذاب البدن والجسد: ﴿وَلَوْلا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ﴾ [العنكبوت: ٥٣].
فلولا الأجل الذي ضربه الله للأمة المحمدية بأنهم لا يعذبون إلا بعد موتهم، لعجل لهم العذاب، ولجاءهم العذاب، كما جاء الأمم السابقة، فمنهم من أغرق كقوم نوح، ومنهم من أصابته رجفة وصيحة كقوم هود وصالح، ومنهم من جعلت عليهم الأرض عاليها سافلها، كقوم لوط، ومنهم من عذبوا بالخسف وبالرجز من السماء، وبالمسخ قردة وخنازير.
ولولا أن الله قال لمحمد ﷺ بأن العذاب يؤجل على أمته لجاءهم العذاب كما طلبوا وكما استعجلوا.
وقال تعالى: ﴿وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ﴾ [العنكبوت: ٥٣].
أي: وسيأتيهم عذاب الله فجأة وهم لا يشعرون، فيفجأهم العذاب من فوقهم، ومن تحت أرجلهم.