تفسير قوله تعالى: (الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري)
قال الله تعالى: ﴿الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا﴾ [الكهف: ١٠١].
فالكافرون كانت أعينهم في غشاوة، فهي عمياء مع تفتحها لم تر في محمد العربي أنه نبي حقاً، ورسول حقاً، ما كانوا يرونه إلا إنساناً من الناس يتيم أبي طالب حفيد عبد المطلب العربي المولود في مكة، المهاجر للمدينة ذو المرقد فيها، أما أنه نبي الله وأنه رسول الله، وأنه أتى برسالة من ربه وأنه أنزل عليه القرآن خاتم الكتب من الله، فهذا عميت أبصارهم عنه.
فكانت أعينهم في غطاء عن ذكر الله وتوحيده، عن أن يتذكروا أن هذا الكون في سمائه وأرضه لم يوجد عبثاً، ولم يوجد بلا موجد، ولم يخلق بلا خالق، فكان كل ذلك قد عموا عنه.
وقوله: ﴿وَكَانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا﴾ [الكهف: ١٠١] ومن حقدهم على رسول الله، وبغضهم للتوحيد وللإيمان، وعدم البعد عن الشرك بكل أنواعه كانت آذانهم لا تستطيع السماع، وحتى إذا اجتمعوا قالوا لبعضهم: لا تسمعوا لهذا القرآن، ولا تقبلوا قوله فإن في قوله لبلاغة، وإن من البيان لسحراً، وإياكم أن يسحركم بفصاحته، وببلاغته، وبجماله، وبتأثيره، فكانوا بذلك لا يستطيعون السماع؛ لأن البغض والحقد والبعد عن الله وعن ذكره، وعن الإيمان بالله وما جاء به منعهم عن أن يسمعوا كلمة الحق، وأن يسمعوا آية من كتاب الله، وأن يسمعوا بياناً من رسول الله، هؤلاء الكافرون هم الذين تعرض لهم جهنم عرضاً، فتراها أعينهم، وتسمع ما فيها من البلاء آذانهم، فيتعذبون قبل العذاب ويتحسرون، وتباطؤ العذاب عذاب.