تفسير قوله تعالى: (ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً)
قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ﴾ [العنكبوت: ٦٨].
يقول جل جلاله: من أعظم جرماً وأكبر ذنباً، ومن أطغى نفساً ممن افترى على الله الكذب، وزعم أن الله أرسله ولم يرسله، كما زعم مسيلمة، وكما زعمت سجاح، وكما زعم الأسود العنسي، فقد كذبوا على الله وافتروا بأن الله أرسلهم وهم كاذبون.
فمن ادعى علماً ولم يكن كذلك، أو معرفة ولم تكن كذلك، يكون جرمه وذنبه من أعظم الذنوب.
قوله: ﴿أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ﴾ [العنكبوت: ٦٨]: وهذا يأتي في الدرجة الثانية في عظم الجرم والذنب.
فهؤلاء الذين كذبوا بالحق، وكذبوا القرآن الكريم، وكذبوا محمداً صلى الله عليه وعلى آله، وكذبوا الرسالة؛ هؤلاء هم الذين افتروا على الله الكذب، وكذبوا الحق لما جاءهم، فمن أعظم كذباً وافتراءً منهم؟
ﷺ لا أحد! فهؤلاء جمعوا دين الكفر والشرك والتحدي لجلال الله ولمقامه.
قوله: ﴿أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ﴾ [العنكبوت: ٦٨].
هذا استفهام تقريري، أي: بلى في جهنم مأوىً ومقام ومنزل للكافرين، ولهؤلاء الذين كذبوا على الله افتراء، وادعوا ما ليس لهم، وهؤلاء الذين عندما جاء الحق كذبوه ولم يؤمنوا به، وازدادوا حرصاً وعناداً في الكفر، وصداً عن دين الله.