تفسير قوله تعالى: (ومن آياته منامكم بالليل والنهار)
قال الله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ﴾ [الروم: ٢٣].
لو لم يخلق الله جل جلاله هذا الليل لينام الإنسان فيه ويستريح، ويسكن من أشغال النهار وتعبه جسداً وأعضاء وروحاً ونفساً، لعجز عن الحياة بعد بضع سنوات، وبالتالي لكف عن العمل، ولما قدر أن يقوم بما يجب عليه أن يقوم به عياءً وجهداً وتعباً، ولكن الله جل وعلا خلق الليل للمنام والراحة، وخلق النهار للتجارة والعمل والسعي والضرب في الأرض.
فمن آياته الدالة على قدرته أن خلق لكم الليل لتناموا وتستريحوا فيه، قالوا: وفي الآية تقديم وتأخير، ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [الروم: ٢٣]، أي: يكون النهار للتجارة، والعمل والسعي والضرب في الأرض، فجعل النهار ليبتغي الإنسان فيه ما يرجوه من فضل الله من نماء ومال وعمل وحياة، فكان النهار معاشاً وكان الليل لباساً سباتاً، ذكر النهار عن ابتغاء الفضل لفهم ذلك من خلال الكلام، ويصح التقديم والتأخير إذا لم يحدث لبس في المعاني، والتقدير: وابتغاؤكم من فضل الله بالنهار.
وقوله: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ﴾ [الروم: ٢٣]، (لآيات) أي: لدلائل وبراهين قاطعة لقوم يعون ويتفكرون ويسمعون، يعني: السمع الذي يكون معه وعي وفهم وإدراك.


الصفحة التالية
Icon