تفسير قوله تعالى: (ومن آياته يريكم البرق خوفاً وطمعاً)
قال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ [الروم: ٢٤].
أي: من قدرة الله وآيات وحدانيته ودلائل ألوهيته فيما خلق وذكر من نسق هذه الآي المتتابعات: البرق الذي يرى في أجواء السماء، الذي خلقه خوفاً وطمعاً.
فالإنسان حين يرى البرق يخاف أن يكون بداية لصواعق، أو زلازل ومصائب، فتجده يخاف ويرهب من شكله ووميضه، كما يكون هذا البرق رجاء وطمعاً حيث يكون بداية مطر وغيث، يكسو الأرض بالخضرة بعد جدبها وجفافها، فيحيي الله به بلدة ميتاً قاحلاً، فتصبح الأرض وقد اهتزت بأنواع الأرزاق والحبوب والفواكه والثمرات.
وهكذا يلفت الله جل جلاله أنظار من له عقل وسمع وفهم وإدراك بالنظر في هذه الطبيعة، التي هي من خلق الله ليلاً ونهاراً، سماء وأرضاً، برقاً ومطراً، حياة للأرض بعد الجدب، ثم هي بعد ذلك تؤتي أكلها من كل زوج بهيج.
إذاً: الله سبحانه يخاطب من يدرك ويعقل ويعي بعرض هذه الآيات منسقة متتابعة، لعل السامع يكون ممن يعي ويدرك، ويؤمن ويأخذ العبر، فهذه الأمطار تنزل إلى الأرض وقد أجدبت ويبست ولا نبات فيها ولا خضرة ولا ماء، وإذا بها حية بأمر الله، وإذا بالشجر يورق ويخضر، وإذا بالثمار تزهر، وإذا بها تبدو أشكالاً وأنواعاً وألواناً من الحب الذي نأكله والحيوان والطير، ومن الفواكه أشكالاً وأنواعاً، ومع أن الماء واحد إلا أن الزهر والثمرات أنواع.
وقوله: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ [الروم: ٢٤]، أي: إن في ما أراد الله مما تراه العين وتسمعه الأذن ويعيه القلب لآيات بينات لمن رزق العقل والوعي والفهم، أما من مشى في الأرض بعين لا يرى بها، أو سمع لا يسمع به، أو قلب لا يفقه به فهو كالأنعام، بل هو أضل.


الصفحة التالية
Icon