تفسير قوله تعالى: (ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن للناس من كل مثل)
قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ﴾ [الروم: ٥٨].
أي: ضرب الله للناس مسلمين وكافرين الأمثال، والأشباه والنظائر ليعلموا، وليدركوا، وليفهموا.
فبين الله لهم في القرآن الكريم الحلال والحرام ليتركوا الحرام كله، وليفعلوا من الحلال ما يطيقونه حسب قدرتهم ورغبتهم، وضرب به الأمثال للعلم والمعرفة والإيمان.
وقوله تعالى: ﴿مِنْ كُلِّ مَثَلٍ﴾ [الروم: ٥٨].
أي: من كل شبيه ونظير، لعل الناس يدركون ويعون.
وقوله تعالى: ﴿وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ﴾ [الروم: ٥٨].
أي: ولو جئتهم يا محمد مع هذا القرآن الذي ضربنا فيه للناس كلهم أمثالاً وأشباهاً ونظائر مما تراه أعينهم على الغائب، وما تسمعه أذنهم مما لا يسمعونه، ليعلم الغائب بالحاضر والحاضر بالماضي والمستقبل بالحاضر.
ومع ذلك مهما أتيتهم به من آية ومن معجزة ومن بينة تدل على صدقك، قالوا: بل أعانك عليه قوم آخرون كما زعم الكافرون الضالون، وقالوا: ﴿إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ﴾ [الروم: ٥٨].
أي: تعيشون في باطل، فما تزعمونه باطل وما أتيتم به باطل، فكذبوا الصدق إذا جاءهم، وافتروا على الله بما ليس واقعاً فما ازدادوا إلا كفراً وجحوداً.