سبب نزول الآية
وقال قوم: إن سبب نزول هذه الآية أن النضر بن الحارث أحد المشركين من كفار مكة الذين عاندوا رسول الله ﷺ والمسلمين وقد خرج أخيراً في غزوة بدر يقاتل رسول الله ﷺ والمسلمين، فأسر، فقتله ﷺ صبراً كما قتل عقبة بن أبي معيط.
كان يرحل إلى فارس والروم فيأتي بقصص عن ملوك الروم وأكاسرة الفرس وخرافاتهم وحكاياتهم إلى مكة، فإذا رأى رسول الله ﷺ عند الكعبة وهو يعلن للناس كتاب الله ويقرأ عليهم من آياته يقول لهم: لا تذهبوا إلى محمد، وائتوا إلي فأنا كذلك أحفظ من القصص، وقد أتيتكم بقصص الفرس والروم وفيها من الغرائب والقصص ما يسليكم أكثر من ذلك، فكانوا يجتمعون إليه، وكان أحياناً يبذل على ذلك مالاً، وكان يأتي بالقينات والمغنيات، ويدعو إليه هؤلاء الذين يريدون الإسلام فيقص عليهم من تلك القصص، ويأمر الجواري بأن يغنين له، ويعارض بذلك رسول الله ﷺ في تلاوته للقرآن وذكره القصص التي أتى بها عن الأنبياء والأمم السابقة، ويقول لهم: إن حدثكم محمد عن عاد وثمود فأنا أحدثكم عن فارس والروم.
وهذا السبب والنقل لو كانا صحيحين فقد قال علماؤنا في جميع آيات القرآن والأحاديث النبوية: العبرة في عموم اللفظ لا بخصوص السبب، فالعبرة من الآيات ومن القرآن والسنة بما يؤديه اللفظ، وأما السبب ومن نزلت الآية فيه فذلك تاريخ لا دخل له في المعنى، إلا إذا احتيج لمعرفة البيئة والوقت الذي قيل فيه ذلك، ولعله يفيدك فائدة لم تكن في العموم، فتبقى الآية عامة.


الصفحة التالية
Icon