تفسير قوله تعالى: (لله ما في السماوات والأرض إن الله هو الغني الحميد)
قال تعالى: ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ [لقمان: ٢٦].
وهل غير الله في الأرض، فلله ما في السماوات والأرض ملكاً وخلقاً وقدراً، وله ما في السماء وما عليها وما فيها، ولله الأرض وما فيها وما عليها وما في باطنها، وما بين السماوات والأرض، قال تعالى: ﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا﴾ [مريم: ٩٣]، فالكل عبد وملك لله فكيف يصبح المملوك شريكاً للمالك؟! تلك خصلة لا يؤمن بها من رزق عقلاً وفهماً، فهؤلاء الذين يجعلون مع الله شركاء إنما يجعلون عباد الله وخلق الله الذين لا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً، بل هم عبيد الله وخلقه.
قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ [لقمان: ٢٦]، أي: إن الله هو الغني عن عبادة خلقه، وعن أعمالهم، وهو المحمود الذي يحمده الكل بحق، طائعين ومكرهين بما رزقهم وخلقهم، ودبرهم وأعطاهم.
فالله جل جلاله هو المنفرد بالحمد والمنفرد بالخلق، وهو الغني عما سواه، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ [فاطر: ١٥].
فلا يوجد مخلوق على الأرض إلا وهو فقير لغيره، فالملك -على سبيل المثال- فقير للخباز، وفقير للبناء، وفقير للمرأة لكي تلد له، والفقير محتاج لكل شيء، فلا غني إلا الله، والكل فقير إليه.
خرجنا من أرحام أمهاتنا لا نملك شيئاً فكسانا بعد عري، وأشبعنا بعد جوع، وملكنا بعد عوز، وعلمنا بعد جهل، وأعطانا بعد منع، جل جلاله وعز مقامه، هو الله الغني الحميد.


الصفحة التالية
Icon