تفسير قوله تعالى: (إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجداً)
قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ﴾ [السجدة: ١٥].
يقول ربنا جل جلاله: إنما يؤمن بآيات الله، وبعلامات قدرة الله ووحدانيته، وصدق أنبيائه ومعجزاتهم، ودلائل رسالاتهم، ودلائل إلهية الله إيماناً صادقاً، ﴿الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا﴾ [السجدة: ١٥].
فالذي يؤمن بآيات الله هو الذي إذا ذكر بها -فتليت عليه، أو فسرت له- تراه يبادر ساجداً لله، إيماناً بتلك الآيات، وخضوعاً لجلال ربه.
قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا﴾ [السجدة: ١٥] أي: وقعوا على الأرض سجداً على جباههم وعلى أنوفهم وعلى أكفهم وعلى ركبهم وعلى أصابع أرجلهم، على السبعة الأعضاء، فهؤلاء هم الذين يؤمنون بالله، وبآياته وبكتابه، ويؤمنون بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
فالإنسان في حياته في شغل شاغل في الصباح والمساء، وفي الحضر وفي السفر، فيبقى ذاهلاً، فإذا ذكر وكان مؤمناً تذكر، والذكرى قد تكون بالأذان، وقد تكون بالإقامة، وتكون بالتكبير، وتكون بالدخول في الصلوات.
وقد يكون التذكير برؤية أمر غريب في طائر أو في إنسان أو في حيوان، فالمؤمن إذا رأى شيئاً أعجبه يقول: ما شاء الله، ويسبح الله الذي لا يخلق مثل هذا سواه، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وتجد المؤمن الحق كل كلامه ذكر، وكل كلامه تذكير، حتى إذا غلبته عينه ونظر النظرة الثانية ورأى جمالاً لا يقول: أشتهيه، ولا: أريد الخلوة به، بل تجده يقول في كل مكان: سبحان الله، فتجد منه هذه اللهجة في المشرق، وتجدها في المغرب، والمؤمن مؤمن حيث كان.