تفسير النبي ﷺ لقوله تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة)
قوله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ﴾ [الأحزاب: ٢١].
هذه الآية الكريمة شرحها النبي عليه الصلاة والسلام عندما ذكر اختلاف الأمم السابقة واللاحقة، فقال عليه الصلاة والسلام: (اختلفت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، والنصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستختلف أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قيل: يا رسول الله! ومن هذه الواحدة؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي).
أي: ما كان عليه الصلاة والسلام فيه من عقائد، ومن عبادات، ومن آداب، ومن جهاد، ومن كرم، ومن طاعة لله، ومن قيام وتهجد، ومن مختلف أنواع الطاعات.
فالفئة الناجية الصالحة التي على الحق هي من اتخذت رسول الله ﷺ القدوة والأسوة والإمام والمتبوع، فلا إمام غيره ولا متبوع سواه، وكل النبوات السابقة ليست لعموم الناس، ولكنها لأقوامهم ولعشائرهم، ولم تكن رسالة عامة لمختلف أنواع البشر والأجناس وفي جميع الأعصار إلا رسالة محمد عليه صلوات الله وسلامه.
ولم يكن موسى وعيسى وغيرهما إلا أنبياء في أقوامهم من بني إسرائيل، ولذلك يقال عنهم: أنبياء بني إسرائيل، وزاد هذا تأكيداً قول النبي عليه الصلاة والسلام: (أعطيت خمساً لم يعطهن نبي قبلي، فذكر منها: أن الأنبياء كانوا يبعثون إلى أقوامهم خاصة وأنا بعثت إلى الناس كافة).
وقال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا﴾ [الأعراف: ١٥٨] فيوم ظهر ﷺ في هذه البطاح المقدسة أمر أن يدعو كل الناس في مشارق الأرض ومغاربها من عاصروه ومن جاءوا بعده، من كانوا معه ومن كانوا بعيدين عنه، ليبلغ الحاضر الغائب، فالكل مدعو للإيمان بالرسالة المحمدية، والكل مدعو إلى الإيمان بمحمد النبي الخاتم الذي لا نبي بعده ولا رسالة بعد رسالته صلى الله عليه وعلى آله.